عني بنشره أحمد بك تيمور عن نسخة كتبت سنة 710ه
منتخب في عهد أزدشير بن بابك الملك في السياسة
بسم الله الرحمن الرحيم
من ملك الملوك أزد شير بن بابك ... إلى من يخلف من الملوك.
السلام عليكم، إن من أخلاق الملوك الأنفة والجراءة والبطر والعث، وكلما دامت سلامة الملك في ملكه قويت هذه الأخلاق عليه، حتى يغلب عليه سكر الملك الذي هو أشد من سكر الخمر، فيظن أنه قد أمن من النكبات والعثرات، فيبسط يده ولسانه بالقبيح؛ فيفسد باعتماده جميع ما أصلحه الملوك قبله، فتعود المملكة خرابا.
وأفضل الملوك الذي يتذكر في عزه الذل، وفي أمنه الخوف، وفي قدرته العجز، فيجمع بين بهجة الملك وحذر الرعية، ولا خير إلا في جمعهما؛ فإن رشاد الملك خير من خصب الزمان.
الدين أساس الملك، والملك حارس الدين، فلا يقوم أحدهما إلا بالآخر.
إياكم أن تتهاونوا بمن يطلب الرئاسة بإظهار الزهد والغضب للدين، فما اجتمع الناس على رئيس في الدين، إلا انتزاع ما في يد الملك من ملكه؛ فإن الناس إلى رئيس الدين أميل، فتعهدوا طبقات الناس وتفقدوا جماعاتهم، فإن فيهم من قد حقرتم وجفوتم.
وإذا أذن الملك للعقلاء من مناصحي دولته في إنهاء ما يتجدد عندهم من النصائح التي لا يعلمها خواصه، أو يعلمونها ويكتمونها انفتحت له أبواب من الأخبار المحجوبة عنه؛ فيحذر وزراءه وخواصه من الاتفاق على ما يسترونه عنه، ولا يقدمون على أمر يكرهه خوفا من أن يطالع به، فيأمن مكايدهم وتسلم الرعية من ظلمهم.
ومن غلبت عليه خواصه، حتى منعوا عنه الناس، فلا يصل إليه إلا من يحبون؛ أطبقت ظلم الجهالة عليه.
Unknown page