Rasail Ahzan
رسائل الأحزان: في فلسفة الجمال والحب
Genres
قلت لك: إنها شاعرة تملأ سماء من السموات فتكاد لا ترى فيها من جهات الأرض شيئا
7
كأنما تركت المادة الإنسانية في أبويها وخرجت من ذلك الحطب والورق ... مخرج الزهرة الناعمة، بنية من اللون وجسما من العطر ونسيجا متماسكا من الشعاع، خرجت عاطفة مولودة تكبر وتنمو لتبلغ في العواطف سن شباب القلب؛ لا يتصل بروحها شيء إلا نبت واخضر ثم نور وأزهر
8
كأن طبيعة الجمال خبأت في قلبها سر الربيع، وهي الصافية كرقة النسيم والناعمة كملمس الماء والضاحية كطلعة الشمس؛ فإن غضبت بدلت النسيم قيظا والماء ظمأ والشمس الطالعة غيما يلف نهار الحب في ملاءة ليل أسود.
ولا يستخرج عجبها شيء كما يعجبها الكلام المفتن المشرق المضيء بروح الشعر فهو حلاها وجواهرها، وما لسوق حبها من دنانير غير المعاني الذهبية فإنها لا تبايعك صفقة يد بيد، ولكن خفقة قلب على قلب.
وما عسى أن أقول في فلسفتها واهتدائها إلى موضع السر من الأشياء ونزولها وراء الحجة إلى الأعماق البعيدة التي تغوص الحجة فيها واستبانة المشكل باللمح، وتقليب المعاني في أصابعها كأنها ملقنة ما تحاوله؛ وأخذها في سبيل البرهان حين تجادل مأخذا لا يقام له، وإظهار خيالها البديع في معان لامعة كأنما تتدلى عليها الشمس، فلو كنا نقول بالرجعة
9
لقلت: إن (أرسطو) قد رجع بفكره الجبار إلى هذه الدنيا ليمارس حياة الأنوثة ويتم امرأة كما تم من قبل رجلا فينتظم كمال الجنسين في نفسه.
على أن فلسفتها هذه قد جعلت من بعض قواها ذلك الجمود الذي تستعين به على الحب «جمود إحساس الكتب ...» حتى ملأت نفسي بمثل البحر ملحا ومرارة.
Unknown page