مقدمة رسائل المقريزي
تقى الدين المقريزى
«١» أحمد بن على بن عبد القادر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن تميم بن عبد الصمد بن أبي الحسن بن عبد الصمد بن تميم، التقى، أبو العباس بن العلاء ابن المحيوى الحسينى العبيدى البعلى الأصل، القاهرى، سبط ابن الصائغ، ويعرف بابن المقريزى- وهى نسبة لحارة فى بعلبك تعرف بحارة المقارزة.
وكان أصله من بعلبك، وجدّه من كبار المحدثين، فتحول ولده إلى القاهرة وولى بها بعض الوظائف المتعلقة بالقضاء، وكتب التوقيع فى ديوان الإنشاء وأنجب صاحب الترجمة.
وقال شيخنا: إنه رأى بخطه ما يدّل على تعيينه في سنة ست وستين وذلك بالقاهرة، ونشأ بها نشأة حسنة، فحفظ القرآن وسمع من جده لأمه الشمس بن الصائغ الحنفى «٢» .
شيوخه:
سمع من جده لأمه كما ذكرنا آنفا، والبرهان الآمدى، والعزّ بن الكويك، والنجم بن رزين، والشمس بن الخشاب، والتنوخى، وابن أبى الشيخة، وابن أبى المجد، والبلقينى والعراقى والهيثمى والقرسيسى وغيرهم.
وحج فسمع بمكة من النشاورى والأميوطى، والشمس بن سكر، وأبي الفضل النويرى القاضى، وسعد الدين الإسفرايينى، وأبى العباس بن عبد المعطى وجماعة.
وقد أجاز له: الإسنوى والأذرعى وأبو البقاء السبكى، وعلى بن يوسف الزرندى وآخرون.
1 / 3
ومن الشام: الحافظ أبو بكر بن المحب وأبو العباس بن العز وناصر الدين محمد ابن محمد بن داود.
مؤلفاته:
كان المقريزى غزير الإنتاج والمادة العلمية فتارة تراه كيميائيا، وتاره تراه مؤرخا كما فى إمتاع الأسماع، والتنازع والتخاصم، وتارة تراه روحيا كما فى حث النفوس، فهو متنوع التصانيف، وهذه جملة غير يسيرة من مؤلفاته.
١- درر العقود الفريدة فى تراجم الأعيان المفيدة (ذكر فيه من عاصره) .
٢- إمتاع الأسماع بما للرسول من الأبناء والأخوال والحفدة والمتاع.
٣- عقد جواهر الإسفاط فى ملوك مصر والفسطاط.
٤- البيان والإعراب عمن فى أرض مصر من قبائل الأعراب.
٥- الإلمام فيمن تأخر بأرض الحبشة من ملوك الإسلام.
٦- الطرفة الغريبة فى أخبار حضر موت العجيبة.
٧- معرفة ما يجب لآل البيت النبوى من الحق على من عداهم.
٨- إتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء.
٩- السلوك بمعرفة دول الملوك.
١٠- التاريخ الكبير المقفّى.
١١- الإشارة والكلام ببناء الكعبة البيت الحرام.
١٢- التنازع والتخاصم بين بنى أمية وبنى هاشم.
١٣- شذور العقود أو النقود القديمة الإسلامية.
١٤- الضوء السارى فى معرفة خبر تميم الدارى.
١٥- الأوزان والأكيال الشرعية.
١٦- إزالة التعب والعنى فى معرفة الحال فى الغنى.
١٧- حصول الإنعام والمير فى سؤال خاتمه الخير.
١٨- المقاصد السنية فى معرفة الأجسام المعدنية.
1 / 4
١٩- تجريد التوحيد.
٢٠- مجمع الفرائد ومنبع الفوائد.
٢١- شارع النجاة.
٢٢- الإيماء فى حل لغز الماء.
٢٣- إغاثة الأمة بكشف الغمّة.
٢٤- الخبر عن البشر.
٢٥- المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار.
٢٦- الذهب المسبوك فى ذكر من حج من الملوك.
٢٧- العقود فى تاريخ العهود.
٢٨- البيان المفيد فى الفرق بين التوحيد والتلحيد.
٢٩- جنى الأزهار من الروض المعطار.
صفاته وسلوكه:
كان حسن المذاكرة بالتاريخ، لكنه قليل المعرفة بالمتقدمين؛ ولذلك يكثر له فيهم وقوع التحريف والسقط وربما صحف فى المتون، وكان كثير الاستحضار للوقائع القديمة فى الجاهلية.
أما الوقائع الإسلامية ومعرفة الرجال وأسمائهم والجرح والتعديل والمراتب والسير وغير ذلك من أسرار التاريخ ومحاسنه فغير ماهر فيه.
وكانت له معرفة قليلة بالفقه والحديث والنحو واطلاع على أقوال السلف، وإلمام بمذهب أهل الكتاب، حتى كان يتردد إليه أفاضلهم للاستفاده منه.
وكان حسن الخلق، كثير التواضع، كريم العهد، عالى الهمة لمن يقصده، وكان محبا للمذاكرة والمداومة على التهجد والأوراد، وكان حسن الصلاة مزيدا فيها من الطمأنينة.
وكانت الأكابر تجله: إما مداراة له، وخوفا من قلمه، أو لحسن مذاكراته.
وكان مولعا بالتاريخ فجمع منه شيئا كثيرا، وصنّف فيه كتبا، وكان حسن الصحبة حلو المحاضرة.
1 / 5
ومع كل هذا كان مشتغلا بضرب الرمل، وقد تولى الحسبة بالقاهرة فى آخر أيام الظاهر برقوق.
وقد توفى ﵀ فى عصر الخميس سادس عشر من رمضان سنة خمس وأربعين بالقاهرة بعد مرض طويل وكان عن عمر يناهز الثمانين.
ودفن يوم الجمعة قبل الصلاة بحوش الصوفية البيبرسية- ﵀.
وصف المخطوطات:
وصلتنا مجموعة من رسائل المقريزى على ميكروفيلم رقم ٤٦٥٧ من المكتبة الوطنية بباريس L La Bibliothe que National de France LL وهى نسخة مكتوبة بالخط النسخى المعتاد، مسطرتها فى الغالب ٢٤ سطرا، فى كل سطر من ثمانى إلى عشر كلمات.
وبعد تفريغ الميكرو فيلم على الورق تمهيدا لتحقيقه، فوجئنا بأن بعض الرسائل مطموس تماما فى بعض صحائفه، والبعض الآخر ساقط منه كلمات من الوسط وهو ما يخل بسياق الكلام وبمضمونه.
وحيث إن هذه الرسائل يصعب الحصول عليها جميعها للمقارنة مثلما يفعل فى أى مخطوطة، فقد نحيّنا المخطوطات المشوّهة واستعنا ببعض رسائل المقريزى المطبوعة للتوثيق ومراجعة النص الأصلى عليها.
وقمنا بعمل الآتى:
١- رد كل آية إلى اسم سورتها وإثبات رقم الآية.
٢- تخريج الأحاديث، وكانت هناك فى بعض المخطوطات نصوص لأحاديث ليس لها لفظ مشابه فخرجناها تخريجا محكما.
٣- تخريج البلدان والأصقاع والنواحى.
٤- ترجمة الأعلام والمشاهير ممن ذكرهم فى رسائله.
٥- تفسير المعجم من غريب اللغة من معاجم اللغة العربية، كالقاموس المحيط واللسان والمعجم العربى الأساس ومختار الصحاح والمخصص وخلافه.
٦- إصلاح الإسقاطات والتنبيه على المحو والطمس فى موضعه.
1 / 6
مقدمات
تحتل رسائل المقريزى مكانة مرموقة بين المخطوطات، خاصة التاريخية منها، وهى مجموعة رسائل متنوعة الموضوعات، غزيرة المادة العلمية فى بعضها، ضئيلة فى أخريات منها.
والمقريزى عالم جليل، تارة تراه مؤرخا عندما يتناول موضوعا مثل «التنازع بين بنى أمية وبنى هاشم، وتارة تراه كيميائيا عندما يكتب عن الأجسام المعدنية والفلزات، وتراه فى الباقيات فقيها محدثا.
وقد عكف بعض العلماء الأجلّاء على تحقيق بعض رسائله الصغيرة، ولكن فى اعتقادى أنه لم يتناولها أحد حتى الآن كاملة كمجموعة، وقد أعاننا الله على تحقيق جزء كبير منها- هو الذى بين يدى القارئ- والله أسأله أن يتمم لنا تحقيق الباقى إن شاء الله.
والرسائل التى قمنا بتحقيقها مجموعها حوالى أربع عشرة رسالة، مختلفة الموضوعات، سهلة التناول، جيدة الصياغة، اللهم إلا بعض الإسقاطات والتصحيفات التى سننوّه عليها فى مواضعها، وهذه الرسائل بالترتيب هى: - ١- التنازع والتخاصم بين بنى أميّة وبنى هاشم، وهو يتناول النزاع القبلى بين القبيلتين، وكيف أن رسول الله ﷺ قد ملّك بنى أمية على مكة والمدينة وحضر موت وجعل لهم السيطرة والغلبة ويسرد- فى أسلوب شائق- ما فعله أبو العباس السفاح مؤسس دولة بنى العباس من انتهاكاته للحرمات وسطوته وجبروته.
٢- أما الرسالة الثانية فهى تجريد التوحيد، وفيها يتناول الفروق بين الشرك والتوحيد، ويأتى بأنواع الشرك مثل: الشرك فى الألفاظ، والسجود لغير الله، وشرك القدرّية، والشرك فى الربوبية، ويسوق أقوال كل من القدرية والجبرية فى الحكمة والتعليل.
٣- والثالثة: البيان والإعراب عمّن فى أرض مصر من قبائل الأعراب، يتعرض فى هذه الرسالة عن البطون والأفخاذ والعشائر والقبائل والفصائل، ويسرد لأسماء بعض القبائل العربية التى ما زالت لهم ضياع وأموال حتى الآن فى شتى
1 / 7
محافظات مصر من شمالها إلى جنوبها، ويحكى بطريقة تاريخية رائعة عن كيفية قدومهم من الجزيرة العربية إلى الوطن العربى عامة ومصر خاصة.
٤- والرابعة: هى النقود القديمة الإسلامية، وقد سبق المقريزى فى تناول هذا الموضوع العلّامة البلاذرى برسالة أسماها: «النقود»، ويتعرض المقريزى للنقود القديمة التى كانت تستعمل فى صدر الإسلام وأيام الخلافة الإسلامية والعباسية.
ويفرقّ بين الدرهم البغلى والدرهم الجواز، وبين معانى كل من كلمة النصّ والأوقية والرطل والدانق والقيراط، ويحكى أن كل خليفة من الخلفاء كان يضرب نوعا من النقود مثل سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه، عندما ضرب درهما نقش عليه: «الله اكبر» .
ونقش معاوية دنانير، نقش عليها تمثالا متقلدا سيفا.
٥- الخامسة: رسالة فى فضل آل البيت على من عداهم رضى الله عنهم أجمعين، وساق أدلته جميعا من كتاب الله وأحاديث رسول الله، كما أنه عقد مقارنة بين نصوص القرآن الكريم وتفسيرها فى أكثر من مرجع كالقرطبى وابن عطية.
٦- السادسة: رسالة المقاصد السنّية فى معرفة الأجسام المعدنية، وههنا يبدو لنا المقريزى كعالم كيميائى بحت، فهو يشرح الأجسام المتولدة ويقسمها بين نامية وغير نامية.
كما أنه شرح أقسام المعادن التى تتولد من الأبخرة والأدخنة المحبوسة فى الأرض.
وفى آخر فصل يتحدث عن الفلزات كالزئبق والكبريت والفضة والنحاس وطريقة تكوين كل معدن منهم فى الأرض.
٧- السابعة: رسالة عن الإلمام بأخبار من بأرض الحبشة من ملوك الإسلام.
فى هذه الرسالة إشارات لطيفة عن ألفاظ البطريق، وهى رتبة من الرتب الكهنوتية لدى النصارى، ولفظ الحطى وهى بلغة الأحباش تعنى: السلطان.
ويتعرض لبعض الفرق كاليعقوبية، والملكانية.
٨- الثامنة: رسالة قصيرة عن حرص النفوس على بقاء الذكر.
1 / 8
٩- التاسعة: عن حسن الخاتمة.
١٠- العاشرة: رسالة عن حل لغز الماء.
١١- الحادية عشرة: نحل عبر النحل، وهى رسالة ممتازة وجديرة بالدراسة وقد نما إلى علمى مؤخرا أن أحد المحققين قام بتحقيقها بمفردها.
وهذه الرسالة يشرح فيها المقريزى النحلة طبيا، وأوصافها، وأسماءها، وأنواع العسل، وفوائده الطبية، وباختصار كل ما يهم القائمين على تشريح النحل ومنتجاته.
والله أسأل أن يجعله فى ميزان حسناتنا إنه نعم الوكيل.
وأشكر شكرا خاصا للأستاذ الحاج/ عاطف محمود مصطفى، مدير دار الحديث على تبنيه هذا العمل وإخراجه إلى النور، بارك الله لنا فيه، آمين.
المحققان رمضان محمد على البدرى واحمد مصطفى أحمد قاسم الطهطاوى
1 / 9
التنازع والتخاصم فيما بين بنى أمية وبنى هاشم (١)
1 / 11
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله المعطى ما شاء لمن شاء، لا مانع لعطائه ولا راد لمراده وقضائه، أحمده بما هو أهله من المحامد، وأشكره على فضله المتزايد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا معاند، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ونبيّه وخليله، اللهم صلّ عليه وعلى آله وأصحابه ومحبيه وأهل طاعته وسلم وشرّف وكرّم.
أما بعد، فإنى كثيرا ما كنت أتعجب من تطاول بنى أمية «١» إلى الخلافة مع بعدهم من جذم رسول الله ﷺ، وقرب بنى هاشم وأقول: كيف حدّثتهم أنفسهم بذلك، وأين بنو أمية وبنو مروان بن الحكم من يد رسول الله ﷺ ولعينه «٢» من هذا الحديث مع تحكم العداوة من بنى أمية وبنى هاشم فى أيام جاهليتها، ثم شدة عداوة بنى أمية لرسول الله ﷺ ومبالغتهم فى أذاه وتماديهم على تكذيبه فيما جاء به منذ بعثه الله ﷿ بالهدى ودين الحق إلى أن فتح مكة، شرّفها الله تعالى، فدخل من دخل منهم فى الإسلام كما هو معروف مشهور.
وأردد قول القائل:
وكم من بعيد الدار نال مراده ... وآخر دانى الدّار وهو بعيد
فلعمرى لا بعد أبعد مما كان بين بنى أمية وبين هذا الأمر؛ إذ ليس لبنى أمية سبب إلى الخلافة ولا بينهم وبينها نسب إلا أن يقولوا: إنا من قريش فيساوون فى
1 / 13
هذا الاسم قريش الظواهر، لأن قوله ﷺ: «الأئمة من قريش» «١» واقع على كل قرشى، ومع ذلك فأسباب الخلافة معروفة وما يدّعيه كل جيل معلوم، وإلى كل ذلك قد ذهبت الناس، فمنهم من ادعاها لعلى بن أبى طالب، رضى الله عنه، باجتماع القرابة والسابقة والوصية بزعمهم، فإن كان الأمر ذلك، فليس لبنى أمية فى شىء من ذلك دعوى عند أحد من أهل القبلة، وإن كانت إنما تنال الخلافة بالوراثة، وتستحق بالقرابة، وتستوجب بحق العصبة، فليس لبنى أمية فى ذلك متعلق عند أحد من المسلمين.
وإن كانت لا تنال إلا بالسابقة فليس لهم فى السابقة قديم عهد مذكور ولا يوم مشهور، بل لو كانوا إذ لم تكن لهم سابقة، ولم يكن فيهم ما يستحقون به الخلافة، ولم يكن فيهم ما يمنعهم منها أشد المنع كان أهون وكان الأمر عليهم أيسر.
فقد عرفنا كيف كان أبو سفيان «٢» فى عداوته للنبى ﷺ وفى محاربته وفى إجلابه عليه وغزوه إيّاه، وعرفنا إسلامه كيف أسلم، وخلاصه كيف خلص، على أنه إنما أسلم على يدى العباس «٣» رضى الله عنه، والعباس هو الذى منع الناس من قتله «٤» وجاءه............... ............... .......
1 / 14
رديفا «١» إلى النبى ﷺ، وسأل أن يشرّفه وأن يكرمه وبنيه به، وتلك يد بيضاء، ونعمة غراء، ومقام مشهور، وخير نمير منكور، فكان جزاء ذلك من بنيه أن حاربوا عليا «٢» وسمّوا الحسن «٣» ............... ................
1 / 15
وقتلوا الحسين «١» وحملوا النساء «٢» على الأقتاب «٣» وكشفوا عن عورة على بن الحسين حين أشكل عليهم بلوغه كما يصنع بذرارى «٤» المشركين إذا دخلت ديارهم عنوة، وبعث معاوية بن أبى سفيان إلى اليمن بشر بن أرطاة فقتل ابنى عبيد الله ابن عباس وهما غلامان لم يبلغا الحلم، فقالت أمهما عائشة بنت عبد الله بن عبد الدار بن الدبان ترثيهما:
يا من أحسّ ببنىّ اللذين هما ... كالدرّتين تشفى عنهما الصدف
انجى على ودجى طفلى مرهقة ... مطرورة وعظيم الإثم يعترف
1 / 16
وقتلوا لصلب على بن أبى طالب رضى الله عنه تسعة، ولصلب عقيل بن أبى طالب رضى الله عنه تسعة، ولذلك قالت نائحتهم:
عين جودى بعبرة وعويل ... واندبى إن ندبت آل الرسول
تسعة منهم لصلب على ... قد أصيبوا وتسعة لعقيل
هذا وهم يزعمون أن عقيلا «١» أعان معاوية على علىّ، فإن كانوا كاذبين فما أولاهم بالكذب، وإن كانوا صادقين فما حاذوه خيرا قد ضربوا عنق مسلم بن عقيل «٢» صبرا وقتلوا معه هانئ «٣» بن عروة؛ لأنه آواه ونصره، قال الشاعر:
فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظرى ... إلى هانئ في السوق وابن عقيل
ترى بطلا قد هشّم السيف رأسه ... وآخر يرمى من طمار قتيل «٤»
وأكلت هند «٥» كبد حمزة «٦»،
فمنهم............... ...............
1 / 17
آكلة الأكباد «١»، ومنهم كهف النفاق «٢»، ونقروا «٣» بين نحيتى الحسين رضى الله عنه ونبشوا زيدا «٤» ............... ............... .........
1 / 18
وصلبوه «١» وألقوا رأسه في عرضة الدار تطؤه الأقدام وتنقر دماغه الدجاج حتى قال الفرس:
اطرد الديك عن ذؤابة «٢» زيد ... طال ما كان لاقطه الدجاج
وقال شاعر بنى أمية:
صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة ... ولم تر مهديا على الجذع يصلب
وقتلوا على بن عبد الله بن العباس «٣» بالسياط مرتين على أن يزّوج ابنة عمه الجعفرية التى كانت عند عبد الملك بن مروان «٤»، وعلى أن يحلّوه قتل سليط، وسمّوا أبا هاشم بن محمد بن على، وضرب سليمان بن حبيب بن المهلب أبا جعفر المنصور «٥» بالسياط قبل الخلافة.
وقتل مروان الحمار «٦» ............... ............... ........
1 / 19
الإمام إبراهيم «١» بن محمد بن على، أدخل رأسه في جراب نورة «٢» حتى مات، وقتلوا يوم الحرة «٣» عون بن عبد الله بن جعفر، وقتلوا يوم الطف مع الحسين أبا بكر بن عبد الله بن جعفر، وقتلوا يوم الحرّة الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، والعباس بن عتبة بن أبى لهب، وعبد الرحمن بن العباس ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.
ومع ذلك فإن عبد الملك بن مروان أبو الخلف من بنى مروان أغرق الناس في الكفر «٤» لأن جده لأبيه............... ............... ..........
1 / 20
الحكم بن أبي العاص «١» لعين رسول الله ﷺ وطريده، وجده لأمه معاوية «٢» بن المغيرة بن أبي العاص، طرده رسول الله ﷺ ثم قتله على «٣» وعمار صبرا، ولا يكون أمير المؤمنين إلا أولاهم بالإيمان وأقدمهم فيه.
هذا وبنو أمية قد هدموا الكعبة «٤» وجعلوا الرسول دون الخليفة «٥» وختموا في
1 / 21
أعناق أصحابه «١» وغيّر أوقات الصلاة، ونقشوا أكّف المسلمين، ومنهم من أكل وشرب على منبر رسول الله ﷺ ونهبت الحرم ووطئت المسلمات في دار «٢» الإسلام بالبقيع في أيامه، وكان أبو جعفر المنصور إذا ذكر ملوك بنى أمية قال: كان عبد الملك جبّارا لا يبالى ما صنع، وكان الوليد «٣» مجنونا، وكان سليمان «٤» همه بطنه وفرجه، وكان عمر «٥» عور بين عميان، فإن قيل: عدل، قيل: إن من
1 / 22
عدله أن لا يقبلها ممن لم يكن لها أهلا ويتولاها بغير استحقاق «١» وكان رجلهم هشام «٢» . وقد صدق أبو جعفر وكان يقال لهشام: الأحول السرّاق؛ لأنه ما زال يدخل عطاء الجند شهرا في شهر حتى أخذ لنفسه مقدار أرزاق سنة، فلذلك قالوا الأحول السراق، وقال خاله إبراهيم بن هشام المخزومى: ما رأيت من هشام خطأ قط إلا مرتين فإن الحادى «٣» حدا به مرة فقال:
إن عليك أيها البختى «٤» ... أكرم من تمشى به المطى
فقال: صدق قولك، وقال مرة وأيدّه لأشكون سليمان بن عبد الملك يوم القيامة إلى أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، وهذا ضعف شديد وجهل عظيم، وكان هشام يقول: والله إنى لأستحيى من الله أن أعطى رجلا أكثر من أربعة آلاف درهم. وقدم هشام ابنه سعيد على حمص فرمى بالنسب، فكتب أبو الجعد الطائى إلى هشام مع يحيى وأعطاه فرسا على أن يبلغ الكتاب وفيه:
أبلغ لديك أمير المؤمنين فقد ... أمددتنا بأمير ليس عتيدا
طورا يخالف عمرا في خليلته ... وعند رابحة يبغى الأمر والدينا
فعزله وقال: يابن الخبيثة تزنى وأنت ابن أمير المؤمنين، أعجزت أن تفجر فجور قريش قبل هذا، وأظنه قال: لا يلى لى عملا أبدا. وحسبك من عبد الملك بن مروان قيامه على منبر الخلافة وهو يقول: «ما أنا بالخليفة المستضعف ولا بالخليفة المداهن «٥» ولا بالخليفة المأفون «٦»» «٧»، وهؤلاء هم سلقته وأئمته وبشفعتهم
1 / 23
قام ذلك المقام، وبتأسيسهم وتقديمهم نال تلك الرئاسة، ولولا العادة المتقدمة والأجناد المجندة، والصفائح «١» القائمة لكان أبعد خلق الله من ذلك المقام، فالمستضعف عنده، عثمان بن عفان رضى الله عنه، والمداهن عنده معاوية رضى الله عنه، والمأفون عنده يزيد بن معاوية، والضعيف لا يكون خليفة؛ لأنه الذى ينال القوى منه عند انتشار الأمر عليه، والمداهن لا يكون إماما ولا يوثق منه بعقد ولا بوفاء عهد، ولا بضمير صحيح ولا بعيب كريم، والمأفون لا يكون إماما وهذا الكلام «٢» نقض لسلطانه، وعداوة لأهله، وإفساد لقلوب شيعته، وقرة عين عدّوه، وعجز في رأيه، فإنه لم يقدر على إظهار قوته إلا بأن يظهر عجز أئمته، وقد كانت المنافرة لا تزال بين بنى هاشم وبنى عبد شمس، بحيث إنه يقال: إن هاشما وعبد شمس ولدا توأمين، خرج عبد شمس في الولادة قبل هاشم وقد لصقت إصبع أحدهما بجبهة الآخر، فلما نزعت دمى المكان، فقيل: سيكون بينهما وولديهما دم فكان كذلك.
وقيل: إن عبد شمس وهاشما كانا يوم ولدا ... «٣» وكانت جباههما ملصقة بعضها ببعض فأخذ السيف ففرّق بين جباههما بالسيف، فقال بعض العرب: ألا فرّق ذلك بالدرهم، فإنه لا يزال السيف بينهم في أولادهم إلى الأبد فكانت المنافرة بين هاشم بن عبد مناف وأخيه، وإن هاشما كانت إليه الرفادة «٤» التى سنّها جده قصى «٥» بن كلاب بن مرة مع السقاية «٦»؛ وذلك أن أخاه عبد شمس كان يسافر وقلّ ما يقيم بمكة، وكان رجلا مقلا وله ولد كثير، فاصطلحت قريش على أن ولىّ هاشم
1 / 24