فلما سمع ريحان ما التمسه سعيد من العذر عنه اطمأن باله وقال بصوت هادئ «يظهر أنه غلطان كما قلت لأن البشر يتشابهون ولكنه سامحه الله جاءني مغضبا وأنا أفتش عن عصاي فأغاظني حتى سمع مني كلاما مؤلما فأنا أطلب إليه أن يعذرني على ما فرط مني» والتفت إلى بلال وهو يبتسم إيهاما بسلامة نيته.
أما بلال فكان في أثناء ذلك ينظر إلى ريحان ولا يزداد إلا اعتقادا بأنه هو الرجل الذي خاطبه في الفسطاط ونادته سيدته خولة في أثناء خطابه وقص عليها خبره كما مر. فلما آنس منه ذلك اللين ظل يتفرس فيه وهو صامت فلما أتم ريحان كلامه قال له بلال «ربما كنت مخطئا في ظني ولكني أسألك سؤالا أرجو أن تجيبني عليه».
قال «قل ما بدا لك».
قال «ألا تذكر أنك رأيت هذا الوجه» (وأشار إلى وجهه هو).
فتفرس فيه ريحان وهو يظنه يقول ذلك بسذاجة ثم قال «لا يا أخي لا أذكر أني رأيتك قبل الآن».
فقال «يا للعجب ولكنني واثق بأني لقيتك وخاطبتك فرأيت هذا الوجه وسمعت هذا الصوت. فالظاهر أنك سرت إلى الفسطاط قبل هذا العام».
قال «نعم إني سرت إليها منذ بضعة أعوام».
فضحك بلال وقال «ولكنك قلت الآن أنك لا تعرفها».
فارتبك ريحان في نفسه وعمد إلى المغالطة فقال «دعنا من هذه الأوهام ولا تشغل بالنا بما لا طائل تحته».
وكان سعيد في أثناء ذلك يسمع كلامهما والإخلاص لا يزال غالبا عليه.
Unknown page