ما لم تتخذ فراءه لك فراشا دائما، ما لم يسكن روحك، ما لم تكنه، تكنه، تكنه، تكنه. - إذن ماذا تودين القول لي؟ - يجب عليك أن تنام هذه الليلة خارج الكهف، طالما كان القمر يمشي في السماء يظل الجد «وز» يرى دغله مكشوفا، وسوف يراك لأن عينه القمر.
حاول أن يتلقى الخبر بشكل جاد وألا يسخر منه لأن السخرية تغضب فلوباندو، وغضب فلوباندو يعني غضب السلف الحارس «وز»، هذا يعني غضب القبيلة، هذا يقود إلى عدم رضاء الحراب والفئوس عنه.
قبل أن تنهض جامعة جسدها من على الأرض سألته: هل تريد شيئا؟
قال بصورة جادة وبصدق: نعم، فقط لو ترقصين قليلا، بعضا من الرقصة التي أدتها سنيلا على شاطئ البحيرة الأسبوع الماضي ولا شيء أكثر.
الغرباء
عرفنا ذلك في وقت مبكر من صبيحة اليوم الرابع عشر. قالت له فلوباندو، تتكئ بظهرها على جذع دليبة عملاقة بعيدا عن الكهف: أخبرنا بشأنهما المحاربون الذين كتموا الأمر كما يجب عليهم أن يفعلوا عندما يكون الأمر مهما وخطيرا، لأسبوعين كاملين كانوا يرقبون سلوك الغرباء، أصحاب الحمار الكبير، البرص. عندما جاء البناءون أخذوا في تشييد البيت الكبير، كان المحاربون أيضا هناك خلف الأشجار في جحر الذئاب والحلاليف، على قمم الدليب والتبلدي الحبب يراقبون في صمت، ينقلون ملحوظاتهم في إشارات صغيرة إلى بعضهم البعض، اجتمع مجلس المحاربين مرارا وتكرارا متباحثا في شأن الغرباء؛ هل نجبرهم على مغادرة الأرض؟ هل نسمح لهم بالبقاء؟ هل نقتلهم؟ هل نسجنهم بالكهف إلى أن نستبين مقصدهم؟
لكن الكواكيرو ومعظم نوابه يرون أن قدوم الأبرص إلى أرضهم لا يعني دائما الصيد، الكنائس، الرقيق، الحروب، ربما يعني حياة جديدة متحضرة كالتي في الشرق، أليست من صنع الأبرص المصانع، المواصلات الحديثة، المزارع الكبيرة، الآلة الحربية، الطعام، الشراب، اللباس؟ أليس كل ذلك من صنع الرجل الأبيض في الشرق؟ مضى عهد الاستعمار ولا عودة، ومضى قبله الاتجار بالرقيق ولا عودة، مضت عهود مشابهة كالعهدين، عهود كثيرة متباينة. نعم، ورثنا من تلك العهود الحذر والخوف، لكن ما يميزنا نحن في قبيلة «لالا»، ولو أننا لا نزال في وحل التخلف/الفقر/العوز، إلا أننا نسعى بكل جد أن نصبح قبيلة ذات شأن ولو مقارنة مع قبائل الدغل الأوسط والشمالي، لن نكون كذلك إلا عن طريق العلم والمعرفة، بدا ذلك واضحا عندما ابتعثت القبيلة عشرة من أبنائها للشرق لاكتساب المهارات العلمية/الحديثة، أنفقت عليهم من ذهبها الكثير، لكن هل عاد الأبناء؟ هل تخلت القبيلة عن مشروعها الحضري؟ لكن هذه هي فرصة أخرى، قدم الأبرصان إلى ديارنا، أتصبح ضربة الحظ التاريخية؟
بعد مداولات كثيرة قرر مجلس الكواكيرو إمهال الأبرصين زمنا قبل الحكم عليهما قمرين كاملين. وعلق بندو مندو، أحد المحاربين، صاحب كلمة مقدرة: علينا أن نتفاءل، إذا كانوا غير ما نشاء - كانوا قتلة - قتلناهم.
في اليوم الرابع عشر عند الفجر أعلمنا بوجود أبرصين بشرق أرض «لالا»، بين خور السلاحف ووادي الأناناس، وانطلقنا نحوهما أطفالا ونساء وبعض المحاربين الذين ربما كانوا ينشدون الفتيات وهن ينشدن فتيانهن. كنت في السابعة من عمري وتبقى لي من سن الحماية عامان، لذا كان من يشغلني الأبرصين ولا شيء آخر، ولا يشغلني الشبان.
ظللت أجري بكل ما لدي من قوة، أقفز فوق الأعشاب الشوكية الصغيرة، أعثر بالحجارة وجذوع الأشجار، كان علي أن أرى الأبرصين قبل أن يختفيا فجأة؛ يطيران في السماء، أو يغطسان في الأرض، كان علي أن أراهما قبل رفاقي جميعهم لأشير إليهم انظروا.
Unknown page