Rajul La Yumkin Tahrikuhu

Hitayrus d. 1450 AH
29

Rajul La Yumkin Tahrikuhu

الرجل الذي لا يمكن تحريكه

Genres

نظرت جوانا للحظات إلى الكولونيل ثم أسرعت إلى السكينة وأشهرتها بوجهه، أضاف دي لا بوت: قتلي لن يساعدك (ورفع يديه يحاول منعها من التسرع)، يجب أن تصغي.

جوانا كانت تفكر بسرعة، بغضب وبحقد، وما كانت تهتم، ثم وبسرعة وجهت السكينة إلى بطنها، تدافع الكولونيل قافزا إليها ورمى السكينة من يدها. - غبية، ألن تتوقفي عن ارتكاب الحماقات؟ (كانت جوانا تنظر إليه في ذهول) تبا!

أصيب الكولونيل بجرح في يده، واتجه إلى حمل السكينة، والتفت إلى جوانا في صمت، ثم قال: تسمعينني، لن تفعلي شيئا خاطئا ثم إنني ... أعدك أنني لن أسمح لشيء بأن يصيبك بمكروه. - أكرهك، أنت لست سوى وحش آخر. - هههههه، ربما، تذكري إن سمعك الرجال في الخارج ستموتين. - تبا لكم. - غبية أنت. لم تحاولين قتل نفسك؟ - أتعتقد حقا أن ابنتي ستكبر بين أحضانك؟ (تفاجأ دي لا بوت، ما كان بمقدوره أن يفعل شيئا أو أن يقول شيئا ثم نظر حوله يفكر.) - أنت وحش، أتعتقد أن ابنتي ستكبر بين يدي من قتل والدها، أتعتقد أنني سأحبك في يوم من الأيام، كيف لك أن تعتقد أنني سأحب؟ انظر ماذا فعلت. كيف لك أن تعتقد أنني سأحب وحشا مثلك، سوف أقتل نفسي قبل أن تفكر بلمسي حتى، سوف تمنعني مرة، وسأقتل نفسي آلاف المرات، أكرهك، وسأكرهك إلى أبد الآبدين.

أصيب دي لا بوت بصداع شديد، وتكرر برأسه هذا الكلام، جوانا حامل بابنة الرجل الذي تحبه، ستكرهه كل الأيام، سيستيقظ كل يوم ليحبها، وستموت كل يوم لتكرهه، كانت تلك فاجعة بالنسبة له، ولأول مرة أحس أنه خسر؛ أن الرجل الذي لا يمكن تحريكه له نقطة ضعف، أحس أنه مهزوم آخر. ارتفع بجدية، توجه إلى الحبل وأخذه؛ الحبل الذي سيذكره بأن جوانا تفضل الموت على أن تعيش لحظة إلى جانبه، وأشار إلى الخزانة. - اختبئي هناك (ثم استدار إلى الباب ليفتحه).

ثم غادر الجميع تلك القلعة، بكت جوانا هناك في غرفتها إلى منتصف الليل، ثم قامت بحمل ما تركه الرجال مما تحتاجه في رحلتها، كانت تعلم أنه سيأتي رجال آخرون، كان يجب أن تنقذ ما تبقى من حياتها، هي ما زالت تملك هذه الأراضي، حتى وإن فقدت المجوهرات والذهب، ما زالت الأراضي والقرية ملكا لها، لذا امتطت أحد الأحصنة وتوجهت تبحث عن دير ما بالجنوب.

ما حدث مع جوانا ودي لا بوت جهله الجميع سوانا أنا والكولونيل، واحتفظنا بتلك الذكرى لسنوات، أخبروني بعدها في المحكمة أن جوانا اتجهت إلى مكان آخر، أنجبت فتاة اسمتها صوفيا، الفتاة التي ستكون الدليل على أن جوانا لم تكن مقدرة لدي لا بوت، ستكبر صوفيا وستنجب بنين وبنات وسأتزوج أنا إحدى بناتها، فتاة رائعة سرقت قلبي بحبها للحياة، هكذا سيتكرر دي لا بوت في شخصي، وستتكرر جوانا في زوجتي، وسيتزوج دي لا بوت بجوانا، من خلال زواجي بحفيدتها، وستولد صوفي، الهزيمة الوحيدة التي عرفها القدر منذ أن أوجد الوجود وإلى أبد الآبدين.

سيكون ذلك أشبه بخطة انتقم بها القدر مني، فتركني في حياتي ك «دي لا بوت» لأختار ما أوده من الخيارات، ثم قدر لي أن تتبعني تلك الخيارات ما تبقى لي من الحيوات التي سأعيشها مجددا . اتجهت في إحدى الحيوات إلى غرفة ما وتركت فتاة لتعيش بعيدا عني، منعتها من قتل نفسها، ومنعت نفسي من الحصول عليها، لكنني لم أمنعها من إنجاب صوفي وتسببت في حياة أخرى في قتل والدتي، فاتجه والدي يبحث عن أسطورته من أجل والدتي، أسطورة تسببت في قتل الكثير، أو ربما أنا من تسبب في قتل الكثير، لو أن والدتي على قيد الحياة، لو لم ألعب لعبة دي لا بوت، لما اتجه والدي إلى أسطورته، لما تشرد محمد، لما توفيت ابنته، لما ... إلخ من الأحداث، لما حدث ما حدث، تشابكت نتائج ما فعلته، فارتبطت حياة كنت عشتها بحياة عشتها مرة أخرى، واجتمعت خطايا سابقة بخطايا جديدة، ودفعت بشرا كان يفترض أن أحميهم، دفعتهم إلى الانتهاء، بسبب كل تلك الحيوات التي عشتها ولم أكن سوى كارثة أخرى. ربما سأنكر ذلك يوما ما، مدعيا أنني فعلت كل ذلك من أجل الحب، حب فتاة لم تكن مقدرة لي. سيتعجب العديد مما حدث، لكن، لم يكن الحب يوما بهذا السوء؛ لم يكن مؤلما بهذا الشكل؛ لم يكن أنانيا بهذا الشكل. سيتساءل الجميع: كيف لتصرف رجل واحد أن يؤثر بشكل كبير على أقدار العديد من البشر؟ ثم ستفكر أنت، هل ما ستفعله مستقبلا سيؤثر بشكل ما على الحياة، شخص ما قد يكون بقربك، أو أبعد مما تتصور، أن يكون بهذه الحياة، أو أن يكون الآن مجرد شهوة عابرة، أو هو في العدم منتظرا فرصته في الحياة، أو هو في المحكمة يتحدث إلى الرجل الذي يشبه الجميع. هل ما سيحدث من الأحداث سيتسبب في حدوث المزيد، ثم سأطلب منك أن تتذكر كل تلك القرارات التي قمت بها؛ ألم تؤثر في شيء ما؟ ألم تحدث هزة خفيفة في وتر قيثارة القدر؟ ألا يمكن أن يحدث تصرف منك كما هائلا من التصرفات الأخرى، التي ستنكرها بطبيعة الحال؟ ربما يجب أن تذكر كل الخطايا، كل الخير، كل الأفعال. ربما سيدفعك ذلك لتفكر من جديد، هل حقا ليس لك تأثير علينا؟ هل أنت حقا موجود لأنك تفكر أو إنك موجود لأنك تؤثر؟ ولن يكون هناك سوى شيء لتأكيده، وهو أنه يجب أن يفكر أحدنا بكل قرار يستقر بداخله؛ أن نفكر بنتائج ذلك على البشرية العظيمة؛ لأنه بداخل كل بشري إنسان لا يمكن تحريكه؛ لا عن قراراته ولا عن مبادئه، لكن الأهم ألا ننسى أنه - وفوقنا جميعا، فوق عدم تحركنا عما نؤمن به، فوق عزيمتنا، فوق ما نوده بشدة - تستقر قوة عظيمة تتحكم في أيامنا، ترسمها ببداية ونهاية نجهلها، وتتجرأ فوق جرأتنا، تتعنت فوق تعنتنا، وليس بمقدورنا سوى الخضوع لها والإيمان بها، وانتظار الآتي البعيد بجزء من الأمل لا أكثر؛ فنحن عبيد لتلك السلطة، والرجل بداخلنا ألد أعدائها.

صوفي شيلون

في إحدى الحدائق بمنزل فرنسي، والد يجلس على كرسي متأرجح يقرأ أحد الكتب القديمة، والدة تقترب من ابن لها، وولد غريب يشبهني بشكل مخيف يتمدد على الأرضية العشبية ومن حوله أوراق رسم تحيط به مبعثرة بطريقة غريبة، اقتربت منه والدته مثلما اقتربت مني والدتي في إحدى الحيوات، جلست ككل أم عادية لتراقب ابنها، وتساءلت مثلما تساءلت والدتي، سؤالا بدا اعتياديا، على الأقل في تلك اللحظة، ما كان يجب أن تلاحظ ذلك، لكنه القدر، وقد دفعها إلى ابنها لتراقبه، سألته: عزيزي، ماذا تفعل؟ (تراقب الرسومات واحدة تلو الأخرى.) - أنا أرسم (لم ينظر إليها). - ماذا ترسم عزيزي؟ (تترك الأوراق جانبا وتتجه بتركيزها إلى ما يرسمه.) - عزيزتي دعيه وشأنه (صوت زوجها على بعد منهما). - أوه، أخبرني بني ماذا ترسم؟ (تبتسم.) - ماما، هذا أنا رجل إطفاء (يرفع الرسمة بطريقة طفولية)، أنا أنقذ هؤلاء، وهذا هو القدر يمنعني (وقد رسم القدر على شكل خربشة سوداء وكأنه يجهل شكله). - آه (تمسك الرسمة وتتأملها)، من أخبرك بذلك صغيري؟ القدر لن يفعل ذلك (تلاحظ شيئا أزرق)، إذا أخبرني ما هذه، هنا في هذه البقعة. - ماما إنها مدونتك الزرقاء (قال ذلك وهو يمسك القلم بأسنانه). - عزيزتي هل سمعته يقول مدونة زرقاء؟ (يتدخل الوالد في تساؤل من مكانه) هل تقصين عليه طفولتك ليلا ؟ - عزيزي، ششش (تشير بيدها إلى زوجها)، ششش. - أنت وضعتها هنا، وأنا أرسمك، ستساعدينني في التغلب عليه (يبتسم ابتسامة غريبة، ابتسامة شيطانية). - اللعنة (تسقط الورقة)، هذا أبي (وتتراجع في ذهول، كانت تضع يديها على فمها)، إنه أبي وليس ابني (ترتجف في خوف تنظر من حولها غير مصدقة). - عزيزتي تعلمين أنه لا يتوجب أن تشتمي أمام الصغير (قال من دون أن يرى تصرفات زوجته، منغمسا في قراءة الكتاب). - اللعنة! إنه هو، هذا والدي، هو لم يمت. - ماما هل أخبرتك أنني رجل إطفاء. (بصوت مخيف، صوت يشبه ...) - أبي (ترتمي إلى ابنها تهزه بقوة)، هذا أنت، صحيح؟ إنها أنا ابنتك. (ثم تسقط أرضا.) - عزيزتي هل سمعتك تخاطبين ابننا بكلمة أبي (يلتفت فيرى زوجته أرضا، أسرع إليها)، عزيزتي هل أنت بخير؟ عزيزتي ... صوفي ... صوفي.

كبر ذلك الصبي وجنت ابنتي صوفي، وعلى خلاف والدي؛ زوجها لم يتركها أبدا. بعد سنوات توفي كلاهما وأصبح الطفل رجل إطفاء غريبا، وكانت غرابته أشبه بغرابة أسلافه، أشبه بغرابتي، كان نتيجة طريقة الخلود. وقد كان هو وكل أسلافه مجرد فرص لرجل واحد؛ رجل منح هبة الخلود في هذا العالم لأنه تحدى القدر، وقد استهلك الكثير من الزمن، الكثير من الأرواح ليتعلم، وقد عاش كل القصص، لكنه ومن بين كل تلك الحيوات التي عاشها، هو لم ينس تلك المرة التي جرب فيها، وبيأس، أن يفهم القدر، واكتشف أنه لن يفعل وإن خلد الدهر بأكمله. كان جهله للقدر أشبه بجهل الأطفال للغة الكبار، أشبه بجهل الكبار للغة الأطفال، أشبه بالجهل نفسه، جلس مجددا في تلك المحكمة بعد زمن، كان قد التقى ذلك القاضي مجددا، وقد قال له القاضي: هذا أنت مجددا.

Unknown page