Rahalat Fada
رحلات الفضاء: تاريخ موجز
Genres
من الناحية السياسية، فإن القلق المتزايد بشأن تأثير الملوثات على طبقة الأوزون، التي تحمي الأرض من أشعة الشمس فوق البنفسجية، وتأثيرات غازات الدفيئة على المناخ العالمي، أدى إلى زيادة الميزانيات. بدأت وكالة ناسا في صياغة «مهمة إلى كوكب الأرض» في عام 1987، في البداية مع منصات ضخمة، ربما تكون مأهولة. ولكن بدأت تزدهر في التسعينيات وما بعدها مشاريع الأقمار الصناعية الأصغر والأكثر مراعاة للميزانية، مدعومة بمركبات فضائية من دول أخرى. ومثل مجالات علوم الفضاء الكبرى الأخرى، أدى نمو البرامج والمؤسسات المتشابكة المتعددة في علوم الأرض إلى تعزيز مجتمع عالمي نابض بالحياة، من خلال كل من برامج التعاون الدولي الرسمية والتبادلات غير الرسمية العابرة للحدود بين العلماء والمعاهد والشركات والوكالات.
علم الكواكب وعلم الفلك في أواخر الحرب الباردة وما بعدها
على الرغم من أن رحلات «فويدجر» بالقرب من الكواكب الخارجية أظهرت أن الاستكشاف كان مزدهرا، فإن الثمانينيات كانت في الواقع أوقاتا مضطربة بالنسبة إلى برنامج ناسا الكوكبي. أعقبت الميزانيات الضعيفة في أواخر السبعينيات محاولة إدارة ريجان عام 1981 لإلغاء البرنامج بأكمله، وإبعاد مختبر الدفع النفاث، وإعطاء المال لمكوك الفضاء. ساعد أعضاء الكونجرس الذين يمثلون المراكز أو المقاولين المهددين في درء تلك السيناريوهات. على أية حال، أدت السياسة الوطنية التي تفرض وضع جميع الحمولات على متن المكوك إلى التسبب في إحداث تأخيرات كبيرة وزيادات في الميزانية للبعثات القليلة قيد التطوير. وبعد تحطم «تشالنجر» في عام 1986، تأخرت جميع عمليات الإطلاق ثلاث سنوات، ومن ثم لم ترسل ناسا أي مركبة فضائية كوكبية جديدة نحو السماء بين عامي 1978 و1989. وفي ضربة لهيبة الولايات المتحدة، لم تستطع الوكالة تحمل تكلفة اعتراض المذنب هالي أثناء عودته البارزة 1985-1986، بينما حلق السوفييت بالقرب منه بالاستعانة بنسخة من مركبة «فينوس» الضخمة، كما أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية أول مسبار لها بين الكواكب، «جوتو»، والتقطت أول صور مقربة لنواة مذنب جليدية.
19
تأخر تليسكوب هابل الفضائي، الذي كان متأخرا بالفعل ومتجاوزا للميزانية المقررة له بسبب تعقيده، أربع سنوات أخرى بسبب كارثة انفجار «تشالنجر». كان ذلك نعمة مقنعة؛ لأنه كان يمكن أن يفشل تماما إذا لم تتم ترقية الأنظمة الرئيسية في فترة الانتظار تلك. عندما أطلق هابل في المدار عام 1990، أصبح مثارا للإحراج الوطني؛ فقد تبين أن المرآة الرئيسية قد جرى ضبطها على الشكل الخطأ، مما يجعل الصور ضبابية قليلا. وكانت وكالة ناسا قد ألغت طريقة اختبار بصري ثانية في أوائل الثمانينيات لتوفير المال. كان تليسكوب هابل لا يزال أداة علمية قابلة للاستخدام، لكنه أضر بمصداقية وكالة ناسا، على الأقل حتى قام رواد الفضاء في المكوك بمهمة إصلاح رائعة في نهاية 1993.
20
من ناحية أخرى، كان علم الفلك أيضا هو المستفيد حين زادت الإدارات الجمهورية ميزانية ناسا في أواخر الثمانينيات. نجحت الوكالة في جمع هابل وثلاث مهام أخرى في برنامج وأسمته برنامج «المراصد الكبرى». وهذه المراصد هي مرصد كومبتون لأشعة جاما (جرى إطلاقه عام 1991)، ومرصد تشاندرا للأشعة السينية (جرى إطلاقه عام 1999)، وتليسكوب سبيتزر الفضائي (الذي عرف سابقا باسم مرفق التليسكوب الفضائي بالأشعة تحت الحمراء) (جرى إطلاقه عام 2003). كما ازدهرت مهام أصغر من عدة دول في الثمانينيات والتسعينيات. فعلى الجانب السوفييتي، أطلق السوفييت تليسكوبين متوسطي الحجم عاليي الطاقة في المدار خلال الثمانينيات، كما أرسلوا معدات تعمل بواسطة رواد فضاء ملحقة بمحطة «مير» الفضائية.
لسوء الحظ، انخفضت قدرة علوم الفضاء الروسية بشدة إثر الأزمة الاقتصادية وانهيار الاتحاد السوفييتي. لم تعد هناك بعثات فلكية تغادر الأرض حتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وانهار برنامج الكواكب، نظرا إلى تقويض قدرة مكتب تصميمات لافوتشكن بسبب نقص التمويل. في عام 1988، أطلق السوفييت مركبتي «فوبوس» الفضائيتين لتصوير المريخ والاقتراب من القمر المريخي الذي يحمل الاسم نفسه. فشلت إحدى المركبتين في العبور، بينما تحطمت الأخرى في المدار قبل وقت قصير من وصولها إلى القمر الصغير. وأجريت محاولة أخرى لإتمام مهمة «فوبوس» في عام 1996، بالتعاون بين وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية، ومحاولة أخرى في عام 2011، بمشاركة صينية، ولكن كلتيهما فقدتا أثناء الإطلاق بسبب ضعف مراقبة الجودة في صناعة الفضاء الروسية. بعد ذلك ركز قادة الدولة بدلا من ذلك على إبقاء برنامج رحلات الفضاء المأهولة نابضا بالحياة، مدعوما بالمال الأمريكي بعد أن دمج البلدان برامج محطات الفضاء الخاصة بهما في 1993-1994.
21
إذا كانت نهاية الحرب الباردة مدمرة بالنسبة إلى علوم الفضاء السوفييتية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، فقد كانت آثارها على الولايات المتحدة أكثر وضوحا. مع انتهاء سباق الفضاء، انخفضت ميزانية وكالة ناسا تدريجيا خلال التسعينيات، وتفاقم الانخفاض نتيجة للإحراج الذي منيت به بسبب عطل تليسكوب هابل، وأيضا نتيجة لسمعتها بأنها قد أصبحت بطيئة وبيروقراطية. إلا أن علوم الفضاء الأمريكية واصلت تقدمها وازدهارها، مما يشير إلى أنها قد خلقت زخمها المؤسسي والسياسي الخاص بها. تعتمد مراكز الفضاء والجامعات والمؤسسات غير الربحية وشركات المقاولات والوكالات على استمرار التمويل الحكومي، وقد كان السياسيون سعداء بوجود وظائف عالية التقنية ذات أجور عالية في مقاطعاتهم. كما حافظت الاستثمارات في علوم الفضاء على استدامة الريادة التكنولوجية الوطنية، التي دلت عليها التداعيات في مجال الدفاع وأيضا البعثات الناجحة، ومن ثم حققت للولايات المتحدة هيبة ومكانة على المستوى الدولي.
Unknown page