وسمعت طرقا على الباب، فقالت بصوت متكاسل: شيث .. ادخلي.
وفتحت الجارية الباب، ودخلت تسير في خفتها المعهودة وهي تقول: حمدا للرب الذي يسر لك النوم بعد طول السهاد. وا رحمتاه لك يا مولاتي! لا بد أن الجوع نال منك كل منال.
وفتحت النافذة، فانبعث منها نور مكلل بسمرة، وقالت ضاحكة: غابت شمس اليوم دون أن تراك، فباءت من زيارتها للأرض بالخسران.
وسألتها رادوبيس وهي تتمطى وتتثاءب: أأتى المساء؟ - نعم يا مولاتي، والآن هل تذهبين إلى الماء المعطر أم تتناولين الطعام؟ .. وا أسفاه أنا أعلم بما سهد جفنيك بالأمس!
فسألتها باهتمام: ما هو يا شيث؟ - أنك لم تدفئي الفراش برجل. - خسئت يا ماكرة.
فقالت الجارية وهي تغمز بعينيها: الرجال عادة مستبدة يا مولاتي، ولولا هذا ما احتملت غرورهم. - حسبك ثرثرة يا شيث.
وشكت من ثقل رأسها، فقالت لها الجارية: هلمي بنا إلى الحمام .. فالعشاق يتقاطرون على بهو الاستقبال، ويؤلمهم أن يروه خاليا منك. - هل جاءوا حقا؟ - وهل خلا بهو استقبالك منهم قط في هذه الساعة؟ - لن أرى منهم أحدا.
فبهتت شيث، ونظرت إلى سيدتها بارتياب، وقالت: خيبت بالأمس آمالهم .. فماذا تقولين اليوم؟ .. آه! لو تعلمين يا مولاتي كم جزعوا لتأخر حضورك. - آذنيهم بأني تعبة.
وترددت الجارية، وهمت بالاعتراض، ولكنها صاحت بها بعنف: اصدعي بما أمرت.
فغادرت المرأة المخدع مرتبكة لا تدري بما غير مولاتها.
Unknown page