قال علماء ما وراء النهر ﵏: لما جوزت الشيعة لعن الشيخين وذي النورين ﵃ وبعض الأزواج الطاهرات كفروا بذلك كفرا ظاهرا فوجب على والي المسلمين وعامتهم أن يستأصلوهم ويخربوا بلادهم ويأخذوا أموالهم ويقعدوا لهم كل مرصد. (١)
وأجابت الشيعة أولا بأن شارح العقائد النسفية استشكل التكفير بسب الشيخين. وصاحب جامع الأصول عد الشيعة من الفرق الإسلامية. وصاحب المواقف ذهب إلى ذلك أيضا. والشيخ أبو الحسن الأشعري لا يرى تكفير أهل القبلة الشيعة وغيرهم. والغزالي أنكر أن يكون سبهما كفرا. فقولكم كفروا بذلك ليس موافقا بأقوال سلفكم ولا مطابقا بمدلول الكتاب والسنة.
أقول: سب الشيخين ﵄ كفر لأحاديث صحيحة تدل على ذلك.
أخرج الطبراني والحاكم عن عويمر بن ساعدة أنه ﷺ قال: "إن الله اختارني واختار لي أصحابا فجعل لي منهم وزراء وأنصارا وأصهارا فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا".
وأخرج الدارقطني عن علي ﵁ عن النبي ﷺ: "سيأتي من بعدي قوم لهم نبز يقال لهم الرافضة فإن أدركتهم فاقتلهم فإنهم مشركون" قال: قلت يا رسول الله ما العلامة فيهم؟ قال: "يقرظونك بما ليس فيك ويطعنون على السلف" وفي رواية له: وذلك أنهم يسبون أبا بكر وعمر ومن سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس.
وأيضا سب الشيخين لا شك أنه بغض لهما وبغضهما كفر لخبر: "من أبغضهم فقد أبغضني ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله"
وأيضا أخرج ابن عساكر إن رسول الله ﷺ قال: "حب أبي بكر وعمر إيمان وبغضهما كفر".
وأخرج عبد الرحمن بن أحمد عن أنس مرفوعا: "إني لأرجو لأمتي في حبهم لأبي بكر وعمر ما أرجو لهم في قول لا إله إلا الله".
وبغضهما يعرف حاله من حال حبهما لأنهما نقيضان فيكون كفرا.
وأيضا تكفير المؤمنين كفر لما ورد في الحديث الصحيح: «من رمى رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك رجعت عليه» ونحن نعلم يقينا أن أبا بكر وعمر ﵄ مؤمنان مبشران بالجنة؛ فيكون تكفيرهما راجعا إلى القائل فمقتضاء الحكم بالكفر. وهذا الحديث وإن كان من خبر الآحاد لكن يستفاد منه الحكم وإن لم يكن جاحده كافرا.
_________
(١) كتب شاه عبد العزيز في حاشية هذه الرسالة، قوله "لما جوزت الشيعة" الخ. ينبغي التفطن ههنا لقاعدة عظيمة وهو أن تجويز سب الشيخين هو الموجب للكفر عند علماء ما وراء النهر لأن حرمة سبهم تثبت بالأدلة القطعية المتواترة وتحليل الحرام القطعي كفر بإجماع المسلمين، نعم سب الشيخين إذا لم يكن مع التجويز بل يصدر بطريق المعصية ليس بكفر ومن ههنا زال الإشكال بأن سب الشيخين قد وقع في رواية مسلم عن عباس وعلي حيث قال لهما عمر وإنما تزعمان أن أبا بكر فيه كذا وكذا يعني غادرا ثم وكذا وقع سب علي من عباس في قوله لعمر حين اختصما في صدقة رسول الله ﷺ: أرحني من هذا الظالم الغادر الآثم. وكذا وقع سب عثمان وعلي من بعض الصحابة عند الإنكار على بعض أفعالهما من دون أن يعتقدوا جواز السب فافهم ذلك فإنه دقيق.
1 / 15