فليعلم من قرأ كتابنا هذا وفهم ما فيه لهم، جوابنا إن هو كان من غيرهم، عمى مذهبهم وصممه، وإن كان ممن تلبس بضلالتهم فليحذر غير الله ونقمه، فلقد قذفوا قذفا، مسخا وخسفا، وكادت السماوات أن يتفطرن وشوامخ الجبال أن تخر بدون ما قالوا، ولأصغر أضعافا مما نالوا، لأن الذين قالوا قبلهم الأقوال، وجعلوا لله سبحانه الأمثال، أثبتوه سبحانه ولم ينفوا، وإن هؤلاء أنكروا ونفوا، فلا يغترن منهم موخر في الجزاء، بما يرى من استدراجه بالاملاء، فإن الله يقول لا شريك له، وتعالى عن كذب الكاذبين قوله: { ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين } [آل عمران: 178]. ويقول سبحانه: { فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين } [الأنعام: 44-45]. ويقول سبحانه: { ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار، مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء، وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذي ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال، وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال } [إبراهيم: 42-45].
Page 189