يا هؤلاء إنه إنكان الشيء لا منتهى له في نفسه لم يعرفه أبدا عارف، وإن كان لا منتهى له في عدة أو كثرة لم يكن للكمية معارف، وإن كان لا منتهى للشيء في الصورة، كانت الكيفية مجهولة، وإذا كانت الأشياء لا تعرف لأنه لا منتهى لها، فما كان منها فلا يعرف أيضا مثلها، وإنما يعرف ما يدرك، ويسهل لمعرفته المسلك، إذا علم من كم ركب ؟ وأي الأشياء هو إذا تركب، ومضطر أن يكون ما كان من الأشياء لما منه كان نظيرا، قليلا كان منه إذا كان أو كثيرا، وأن الذي يكون عنه، كالكل إذا يكون منه.
فإن كان لا يستقيم أن يكون الحيوان، ولا ما جعل الله له من الأجسام، ولا الأشجار، ولا ما جعل الله له من الثمار، بلا منتهى في عظم ولا صغر، ولا فيما يرى له من قدر، فكذلك الكل - عند من يعقل - ذوات نهاية، إذ هذه الأشياء التي هي أجزاؤه ذوات غاية، ولا تستقيم له ما لم يستقم لأجزائه، وإنما تناهيها من قبل انتهائه.
وإن كان الحيوان والشجر وأجزاؤهما، التي لحق بها في وصفها انتهاؤهما، لسن حوادث مفتعلة، وإنما يريد القائل بحوادث منفصلة.
Page 180