للعرب إذ أكثرها أهل ضواحي وبادية، وقريش فإذ كانت منازلها على جبال عالية، أحدث بالنجوم عهدا، وأشد في الكفر تمردا، من أن يكون أمرها على خلاف ما قال الرسول فيها، ثم لا يكذبونه فيما زعم من اختلاف حاليها، وإلا فالرسول كان في حكمته، وفيما كان له عليه السلام من فضيلة الصدق عند عشيرته، يتقول مثل هذا لعبا، أو يفتريه عندهم كذبا، بل ليت شعري ما أنكر ؟! ولم - ويله - نفر فاستكبر، من أن ترجم الشياطين على علم وحي الله ومنزله، كي لا تسبق به الشياطين إلى أوليائها قبل رسله، فينتشر علمه قبلها في الناس انتشارا، فيزداد مثله يومئذ له إنكارا، ويحكم له فيه ظنونه، ويزيد فتنة به مفتونه، فأيما من هذا أنكر في رحمة الله الرحيم، وفيما خص الله به رسله من التكريم .
فإن قال فما باله إذا أراد إنزاله ؟! لم يطوه حتى لا يناله، شيطان رجيم مريد، ولا مطيع رشيد ، إلا رسوله من بين خلقه وحده، فيكون هو الذي يبث رشده ؟!
Page 150