إلى التجهم وإبطال صفات الله تعالى، وهو المذهب الذي ذهب إليه متأخرو الرافضة، وكانوا قد أدخلوا معهم من أدخلوه من ولاة الأمور، فلم يوافقهم أهل السنة والجماعة حتى تهددوا بعضهم بالقتل، وقيدوا بعضهم، وعاقبوهم وأخذوهم بالرهبة والرغبة، وثبت الإمام أحمد بن حنبل على ذلك الأمر حتى حبسوا مدة، ثم طلبوا أصحابهم لمناظرته فانقطعوا معه في المناظرة يومًا بعد يوم، ولم يأتوا بما يوجب موافقته لهم، بل بيَّن خطأهم فيما ذكروه من الأدلة.
ثم قال ابن تيمية ﵀: وأحمد وغيره من علماء أهل السنة والحديث مازالوا يعرفون فساد مذهب الروافض والخوارج والقدرية والجهمية والمرجئة، ولكن بسبب المحنة كثر الكلام، ورفع الله قدر هذا الإمام، فصار إمامًا من أئمة السنة وعلمًا من أعلامها؛ لقيامه بإعلامها وإظهارها واطلاعه على نصوصها وآثارها وبيانه لخفي أسرارها، لا لأنه أحدث مقالة أو ابتدع رأيًا١.
وقال ابن تيمية ﵀: هذا مع العلم بأن كثيرًا من المبتدعة منافقون النفاق الأكبر، وأولئك كفار في الدرك الأسفل من النار، فما أكثر ما يوجد في الرافضة والجهمية ونحوهم زنادقة منافقون، بل أصل هذه البدع هو من المنافقين الزنادقة ممن يكون أصل زندقته عن
_________
= حدثت في أواخر عصر التابعين وإن أول الجهمية الجعد بن درهم المقتول نحو سنة ١١٨هـ، وإنما صار للجهمية ظهور وشوكة في أوائل المائة الثالثة. وانظر كلامه في درء تعارض العقل والنقل ٥/ ٢٤٤، ٢٤٥.
١ منهاج السنة النبوية "٢/ ٦٠١-٦٠٦".
1 / 7