وأما قوله: «فإن المحجوب من حُجِب بالله عن الله، إذ محال أن يحجبه غيره».
فيقال: هذا من جنس كلام أهل الوحدة والحلول، فإن الاحتجاب بالله عن الله، وحَجْب اللهِ لله محال عند المسلمين، وإنما يَحجب العبدَ عن الله غيرُ الله، كما قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ [الشورى: ٥١].
وفي «الصحيح» (^١) عن النبي ﷺ أنه قال: «إذا دخلَ أهلُ الجنةِ الجنةَ، نادى مُنادٍ: يا أهل الجنة إنَّ لكم عند الله موعدًا يُريد أن يُنجِزكموه، فيقولون: ما هو؟ ألم يُبيِّض وُجوهَنا، ويُثقِّل موازينَنا، ويُدخِلنا الجنَّة، ويُنجّنا من النار؟ قال: فيُكشف الحجاب، فينظرون إليه، فما أعطاهم شيئًا أحبَّ إليهم من النَّظر إليه» وهو الزيادة.
وفي «الصحيح» (^٢) عن أبي موسى قال: قام فينا رسول الله ﷺ بأربع (^٣) كلمات، فقال: «إنَّ الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يَخفِض القِسط ويرفعه، يُرفَع إليه عملُ الليل قَبل النهار وعملُ النهار قَبل الليل، حجابُه النور أو النار، لو كَشَفه لأَحرَقَت سُبحاتُ وجههِ ما انتهى ــ وفي رواية: ــ ما أدركه بصرُه من خَلقِه».