المطابق يستمدّ من العقل، والولي والفيلسوف عندهم يأخذ من العقل الممد للخيال، فلهذا صار النبي الذي يأخذ من المَلَك أنقص عندهم من الولي الذي يأخذ من فوق المَلَك.
وهؤلاء يجعلون خاصة النبوة هي التخييل، كما يقول ذلك الفارابيُّ (^١) وغيره، وابنُ سينا وأتباعُه، وإن كانوا أقرب الفلاسفة إلى الإسلام، فهم وأمثالهم من الملاحدة كالسهروردي المقتول وغيره يجعلون النبوة لها ثلاث خواص: قوة العلم بِسُرعة ــ ويسمونها القوة القدسية ــ، وقوة التأثير في العالم، وقوة التخييل، وهو أن يرى ويسمع في نفسه ما يمثّل له من المعاني العقلية. وكل ما يراه ويسمعه الأنبياء إنما هو في أنفسهم عندهم لا في الخارج.
وقد وقع في كلام صاحب الكتب المضنون بها على غير أهلها (^٢) ومَن تَبِعَه كلامُ هؤلاء بعبارات أخرى، يظنُّ مَن لم يعرف حقيقة الإسلام وحقيقة الفلسفة أن هذا كلام خواص أولياء الله العارفين، وإنما هو كلام الفلاسفة الملحدين، الذين هم في الإيمان بأصل النبوّة أبعد عن الإيمان من اليهود والنصارى، لكنهم يقرُّون بنبوّة محمد ﷺ وغيره (^٣).