أحدهما: أن يقال: كثير مِن [م ٥٣] المصنفين والمتكلمين في منازل السائرين إلى الله، ومنهاج القاصدين إليه، وطريق السالكين إليه، يذكر كلٌّ منهم عددَ المنازل وترتيبَها بحسب سَيْرِه هو، أو ما عَلِمَه هو مِن أحوال السالكين، ولا يكون ذلك صفةَ كلِّ سالك، بل كثير من السالكين لهم طرق أخرى وترتيب آخر وعدد آخر. وكثير منهم لا يكون سلوكهم بترتيب معين وعدد معين، ولهذا تجد شيخَ الإسلام الأنصاري في «منازل السائرين» يصفُ ترتيبًا وعددًا، وتجد أبا بكر الطُّرْطُوشي (^١) يصف في كتابه ترتيبًا آخر، وتجد أبا طالب المكي (^٢) يذكر نوعًا ثالثًا، وتجد غيرهم يذكر أمرًا آخر.
وهذا كما أن أهل النظر والاستدلال من السالكين طريقَ العلم تجد لكلٍّ منهم من ترتيب المقدِّمات العلمية التي يستدل بها طريقًا غير طريق الآخر. ثم كلُّ مِن هؤلاء وهؤلاء أصحاب المقدِّمات المرتَّبة علمًا وعملًا في كلامهم