وجهلة المتصوفة مِمَّن يظنّ أَنه يصل برياضته واجتهاده فِي عِبَادَته وتصفية نَفسه إِلَى مَا وصلت إِلَيْهِ الْأَنْبِيَاء وَمِنْهُم من يَقُول إِن الْأَنْبِيَاء وَالرسل إِنَّمَا يَأْخُذُونَ الْعلم بِاللَّه من مشكاة خَاتم الْأَوْلِيَاء وَيَدعِي لنَفسِهِ أَنه خَاتم الْأَوْلِيَاء وَيكون ذَلِك الْعلم حَقِيقَة قَول فِرْعَوْن وَهُوَ أَن هَذَا الْمَوْجُود الْمَشْهُود وَاجِب بِنَفسِهِ لَيْسَ لَهُ صانع مباين لَهُ لَكِن هَذَا يَقُول هُوَ الله وَفرْعَوْن أظهر الْإِنْكَار بِالْكُلِّيَّةِ لَكِن كَانَ فِرْعَوْن فِي الْبَاطِن أعرف بِاللَّه مِنْهُم فَإِنَّهُ كَانَ مثبتا للصانع وَهَؤُلَاء ظنُّوا أَن الْمَوْجُود الْمَخْلُوق هُوَ الْمَوْجُود الْخَالِق كَابْن عَرَبِيّ وَأَمْثَاله وَهُوَ لما رأى أَن الشَّرْع الظَّاهِر لَا سَبِيل إِلَى تَغْيِيره قَالَ النُّبُوَّة ختمت لَكِن الْولَايَة لم تختم وَادّعى من الْولَايَة مَا هُوَ أعظم من النُّبُوَّة وَمَا يكون للأنبياء وَالْمُرْسلِينَ والأنبياء يستفيدون مِنْهَا كَمَا قَالَ شعر
(مقَام النُّبُوَّة فِي برزخ ... فويق الرَّسُول وَدون الْوَلِيّ)
وَهَذَا قلب للشريعة فَإِن الْولَايَة ثَابِتَة للْمُؤْمِنين كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿أَلا إِن أَوْلِيَاء الله لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ الَّذين آمنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ والنبوة أخص من الْولَايَة والرسالة أخص من النُّبُوَّة وَقَالَ ابْن عَرَبِيّ أَيْضا فِي فصوصه لما مثل النَّبِي ﷺ النُّبُوَّة بِالْحَائِطِ من اللَّبن فرآها قد كملت إِلَّا
1 / 59