تَعَالَى ﴿كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا ليذوقوا الْعَذَاب﴾ وَقَوله تَعَالَى ﴿فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدكُمْ إِلَّا عذَابا﴾ وَقَوله ﴿وَلَا يُخَفف عَنْهُم من عَذَابهَا﴾ وَقَوله ﴿وَلَهُم عَذَاب مُقيم﴾ وَقَوله ﴿لَا يفتر عَنْهُم وهم فِيهِ مبلسون﴾ أَي حائرون آيسون ثمَّ اعْلَم أَن الجهم هَذَا هُوَ ابْن صَفْوَان التِّرْمِذِيّ رَئِيس الجبرية الْقَائِلين بِأَن التَّدْبِير فِي أَفعَال الْخلق كلهَا لله تَعَالَى وَهِي كلهَا اضطرارية كحركات المرتعش وَالْعُرُوق النابضة وحركات الْأَشْجَار وإضافتها إِلَى الْخلق مجَاز وَهِي على حسب مَا يُضَاف الشَّيْء إِلَى مَحَله دون مَا يُضَاف إِلَى محصله وقابلتهم الْمُعْتَزلَة فَقَالُوا إِن جَمِيع الْأَفْعَال الاختيارية مَعَ جَمِيع الْحَيَوَان بخلقها لَا تعلق لَهَا بِخلق الله تَعَالَى وَاخْتلفُوا فِيمَا بَينهم أَن الله تَعَالَى يقدر على أَفعَال الْعباد أم لَا وَقَالَ أهل الْحق أَفعَال الْعباد بهَا صَارُوا مُطِيعِينَ وعصاة وَهِي مخلوقة لله تَعَالَى وَالْحق سُبْحَانَهُ مُنْفَرد بِخلق الْمَخْلُوقَات لَا خَالق لَهَا سواهُ فالجبرية غلوا فِي إِثْبَات الْقدر فنفوا صنع العَبْد أصلا كَمَا غلت المشبهة فِي إِثْبَات الصِّفَات فشبهوا والقدرية نفاة الْقدر جعلُوا الْعباد خالقين مَعَ الله تَعَالَى (وَلِهَذَا كَانُوا مجوس هَذِه الْأمة) بل أردى من الْمَجُوس من حَيْثُ إِن الْمَجُوس أثبتوا خالقين
1 / 57