مِنْهُمَا وَاجِب الْقدَم لَيْسَ بِوَاجِب الْقدَم مَوْجُودا بِنَفسِهِ غير مَوْجُود بِنَفسِهِ خَالِقًا لَيْسَ بخالق غَنِيا غير غَنِي فَيلْزم اجْتِمَاع الضدين على تَقْدِير تماثلهما فَعلم أَن تماثلهما مُنْتَفٍ بِصَرِيح الْعقل كَمَا هُوَ مُنْتَفٍ بنصوص النَّقْل فَعلم بِهَذِهِ الْأَدِلَّة اتِّفَاقهمَا من وَجه واختلافهما من وَجه فَمن نفى مَا اتفقَا فِيهِ كَانَ معطلا قَائِلا بِالْبَاطِلِ وَأما من جَعلهمَا متحدين فَكفر صَرِيح لَيْسَ تَحْتَهُ طائل وَتَحْقِيق ذَلِك أَنَّهُمَا وَإِن اتفقَا فِي مُسَمّى مَا اتفقَا فِيهِ فَالله تَعَالَى مُخْتَصّ بِوُجُودِهِ وَعلمه وَقدرته وَسَائِر صِفَاته وَالْعَبْد لَا يُشَارِكهُ فِي شَيْء من ذَلِك وَالْعَبْد أَيْضا مُخْتَصّ بِوُجُودِهِ وَعلمه وَقدرته وَالله تَعَالَى منزه عَن مُشَاركَة العَبْد فِي خَصَائِصه وَإِذا اتفقَا فِي مُسَمّى الْوُجُود وَالْعلم وَالْقُدْرَة فَهَذَا الْمُشْتَرك مُطلق كلي يُوجد فِي الأذهان لَا فِي الْأَعْيَان والوجود فِي الْأَعْيَان لَا اشْتِرَاك فِيهِ وَهَذَا مَوضِع اضْطِرَاب فِيهِ كثير من الْحُكَمَاء حَيْثُ توهموا أَن الِاتِّفَاق فِي مُسَمّى هَذِه الْأَشْيَاء يُوجب أَن يكون الْوُجُود الَّذِي للرب كالوجود الَّذِي للْعَبد وَطَائِفَة ظنت أَن الْأَسْمَاء عَامَّة قَابِلَة للتقسيم كَمَا يُقَال الْوُجُود يَنْقَسِم إِلَى وَاجِب وممكن وقديم وحادث ومورد التَّقْسِيم مُشْتَرك بَين الْأَقْسَام وَأما اللَّفْظ الْمُشْتَرك كَلَفْظِ المُشْتَرِي الْوَاقِع على آخذ الْمَتَاع
1 / 41