الإنسان كما ينسب إليه سائر أفعاله الاختيارية.
وإما القول بان الألفاظ يحدث بعضها بعضا فباطل عقلًا وشرعًا، لا يقول به أحدًا من العقلاء لمعانٍ يطول ذكرها فيما المقصد إيجازه: منها أن شرط الفاعل أن يكون موجودًا حينما يفعل فعله، ولا يحدث الإعراب فيما يحدث فيه إلا بعد عدم العامل، فلا ينصب زيد بعد أن في قولنا (إن زيدًا) إلا بعد عدم إن.
فان قيل بِمَ يُرَدُّ على من يعتقد أن معاني هذه الألفاظ هي العاملة؟ قيل: الفاعل عند القائلين به إما أن يفعل بإرادة كالحيوان، وإما أن يفعل بالطبع كما تحرق النار
ويبرد الماء، ولا فاعل إلا الله عند أهل الحق، وفعل الإنسان وسائر الحيوان فعل الله تعالى، كذلك الماء والنار وسائر ما يفعل، وقد تبين هذا في موضعه. وإما العوامل النحوية فلم يقل بعملها عاقل، لا ألفاظها ولا معانيها، لأنها لا تفعل بإرادة ولا بطبع.
فإن قيل: إن ما قالوه من ذلك إنما هو على وجه التشبيه والتقريب، وذلك أن هذه الألفاظ التي نسبوا العمل إليها إذا زالت زال الإعراب المنسوب إليها، وإذا وجدت وجد الإعراب، وكذلك العلل الفاعلة عند القائلين بها. قيل: لو لم يسقهم جعلها عوامل إلى تغيير كلام العرب، وحطَّه عن رتبة البلاغة إلى هُجْنَه العيّ، وادعاء النقصان فيما هو كامل وتحريف
1 / 70