ومما يجري هذا المجرى من المضمرات التي لا يجوز إظهارها، ما يدعونه في المجرورات التي هي إخبار أو صلات أو صفات أو أحوال مثل (زيد في الدار، ورأيت الذي في الدار، ومررت برجل من قريش، ورأى زيد في الدار الهلال في السماء) فيزعم النحويون أن قولنا في الدار متعلق بمحذوف تقديره (زيد مستقر في الدار) والداعي لهم إلى ذلك ما وضعوه من أن المجرورات إذا لم تكن حروف الجر الداخلة عليها زائدة فلا بد لها من عامل يعمل فيها ان لم يكن ظاهرًا كقولنا (زيد قائم في الدار) كان مضمرا كقولنا (زيد في الدار). ولا شك أن هذا كله كلام تام مركب من اسمين دالين على معنيين بينهما نسبة وتلك النسبة دلت عليها (في) ولا حاجة بنا إلى غير ذلك. وكذلك يقولون في (رأيت الذي في الدار) تقديره (رأيت الذي استقر في الدار) وكذلك (مررت برجل من قريش) تقديره (كائن من قريش) وكذلك (رأيت في الدار الهلال في السماء) تقديره (كائنًا في السماء). وهذا كله كلام تام لا يفتقر السامع له إلى الزيادة (كائن ولا مستقر) وإذا بطل العامل والعمل فلا شبهة تبقر لمن يدعي هذا الإضمار.
ومما يجري هذا المجرى ما يدعونه من أن في أسماء الفاعلين والمفعولين والأسماء المعدولة عن أسماء الفاعلين والمشبهة بها، وما يجري مجري مجراها ضمائر مرتفعة بها، وذلك إذا لم ترتفع بها هذه الصفات أسماء ظاهرة مثل (ضارب ومضروب وضراب وحسن) وما جرى مجراها، وقالوا: أنها ترفع الظاهر في مثل قولنا (زيد ضارب أبوه عمرًا) فإذا رفعت الظاهر. فالمضمر أولى أن ترفعه، وقد بطل ببطلان العامل أنها ترفع الظاهر. وإذا كان ضارب
1 / 79