75

al-Radd ʿala al-Gahmiyyat

الرد على الجهمية

Investigator

بدر بن عبد الله البدر

Publisher

دار ابن الأثير

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م

Publisher Location

الكويت

بَابُ ذِكْرِ عِلْمِ اللَّهِ ﵎
٢١٧ - حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثنا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ يَعْنِي عَبْدَ الْعَزِيزِ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «سَبَقَ عِلْمُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ، فَهُمْ صَائِرُونَ إِلَى ذَلِكَ»
٢١٨ - حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، ﵁ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ ﷿» ⦗١٣١⦘ ٢١٩ - قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَمَالَنَا نَرَى أَنْ يَبْلُغَ غَدًا قَوْمٌ فِي تَعْطِيلِ صِفَاتِ اللَّهِ مَا بَلَغَ بِهَذِهِ الْعِصَابَةِ عَدْلُهُمْ فِي تَعْطِيلِهِا، حَتَّى أَنْكَرُوا سَابِقَ عِلْمِ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ، وَمَا الْخَلْقُ عَامِلُونَ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلُوا. ٢٢٠ - ثُمَّ قَالُوا: مَا نَقُولُ إِنَّ اللَّهَ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ يَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْضِ، وَلَكِنْ عِلْمُ اللَّهِ هُوَ اللَّهُ بِزَعْمِهِمْ، وَاللَّهُ بِزَعْمِهِمْ فِي كُلِّ مَكَانٍ، لَيْسَ لَهُ عِلْمٌ بِهِ يَعْلَمُ، وَلَا هُوَ يَسْمَعُ بِسَمْعٍ، وَلَا يُبْصِرُ بِبَصَرٍ، إِنَّمَا سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَعِلْمُهُ بِزَعْمِهِمْ شَيْءٌ وَاحِدٌ، فَلَا السَّمْعُ عِنْدَهُمْ غَيْرُ الْبَصَرِ، وَلَا الْبَصَرُ غَيْرُ السَّمْعِ، وَلَا الْعِلْمُ غَيْرُ الْبَصَرِ، هُوَ كُلُّهُ بِزَعْمِهِمْ سَمْعٌ وَبَصَرٌ وَعِلْمٌ، وَهُوَ بِكُلِّيَّتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، إِنْ عَلِمَ عَلِمَ بِكُلِّهِ، وَإِنْ سَمِعَ سَمِعَ بِكُلِّهِ، وَإِنْ رَأَى رَأَى بِكُلِّهِ. ٢٢١ - وَيَزْعُمُونَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ بِمَنْزِلَةِ النَّظَرِ وَالْمُشَاهَدَةِ، لَا يَعْلَمُ بِالشَّيْءِ حَتَّى يَكُونَ، فَإِذَا كَانَ الشَّيْءُ عَلِمَ بِهِ عِلْمَ كَيْنُونَتِهِ، لَا بِعِلْمٍ لَمْ يَزَلْ فِي نَفْسِهِ قَبْلَ كَيْنُونَتِهِ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَثَ الشَّيْءُ كَانَ هُوَ عِنْدَ الشَّيْءِ، وَمَعَهُ الشَّيْءُ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ الشَّيْءَ، كَانَ هُوَ يَدُلُّ الشَّيْءَ بِزَعْمِهِمْ مِنْ مَكَانِهِ، فَذَلِكَ إِحَاطَةُ عِلْمِ اللَّهِ بِالْأَشْيَاءِ عِنْدَهُمْ، لَا أَنْ يَكُونَ عَلِمَ بشَيْءٍ مِنْهَا فِي نَفْسِهِ قَبْلَ كَيْنُونَتِهِ، فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ. ٢٢٢ - هَذَا هُوَ الرَّدُّ لِكِتَابِ اللَّهِ وَالْجُحُودُ لَآيَاتِ اللَّهِ، وَصَاحِبُ ⦗١٣٢⦘ هَذَا الْمَذْهَبِ يُخْرِجُهُ مَذْهَبُهُ إِلَى مَذْهَبِ الزَّنْدَقَةِ حَتَّى لَا يُؤْمِنَ بِيَوْمِ الْحِسَابِ، لِأَنَّ الَّذِي لَا يُقِرُّ بِالْعِلْمِ السَّابِقِ بِالْأَشْيَاءِ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ، يَلْزَمُهُ فِي مَذْهَبِهِ أَنْ لَا يُؤْمِنَ بِيَوْمِ الْحِسَابِ، وَبِقِيَامِ السَّاعَةِ وَالْبَعْثِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، لِأَنَّ الْعِبَادَ إِنَّمَا لَزَمَهُمُ الْإِيمَانُ بِهَا لِإِخْبَارِ اللَّهِ بِأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَأَنَّهُ مُحَاسِبُهُمْ يَوْمَ الْحِسَابِ، مُثِيبُهُمْ، وَمُعَاقِبُهُمْ. ٢٢٣ - فَإِذَا كَانَ اللَّهُ بِزَعْمِهِمْ لَا يَعْلَمُ بِالشَّيْءِ حَتَّى يَكُونَ، كَيْفَ عَلِمَ فِي مَذْهَبِهِمْ بِقِيَامِ السَّاعَةِ، وَالْبَعْثِ وَلَمْ تَقُمِ السَّاعَةُ بَعْدُ، وَلَا تَقُومُ إِلَّا بَعْدَ فَنَاءِ الْخَلْقِ، وَارْتِفَاعِ الدُّنْيَا؟ ٢٢٤ - فَإِنْ أَقَرُّوا لِلَّهِ بِعِلْمِ قِيَامِ السَّاعَةِ، وَالْبَعْثِ، وَالْحِسَابِ، لَزِمَهُمْ أَنْ يُقِرُّوا لَهُ بِعِلْمِ كُلِّ شَيْءٍ دُونَهَا، فَإِنْ أَنْكَرُوا عِلْمَ اللَّهِ ﷿ بِمَا دُونَهَا لَزِمَهُمُ الْإِنْكَارُ بِهَا وَبِقِيَامِهَا، وَبِالْبَعْثِ وَالْحِسَابِ، لِأَنَّ عِلْمَهُ بِالسَّاعَةِ كَعِلْمِهِ بِالْخَلْقِ وَأَعْمَالِهِمْ سَوَاءٌ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ، فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِأَحَدِهِمَا لَزِمَهُ أَنْ لَا يُؤْمِنَ بِالْآخَرِ، وَهِيَ مِنْ أَوْضَحِ الْحُجَجِ وَأَشَدِّهَا عَلَى مَنْ رَدَّ الْعِلْمَ وَأَنْكَرَهُ. ٢٢٥ - وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ ﷿ لَمْ يَزَلْ عَالِمًا بِالْخَلْقِ وَأَعْمَالِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ، وَلَا يَزَالُ بِهِمْ عَالِمًا، لَمْ يَزْدَدْ فِي عِلْمِهِ بِكَيْنُونَةِ الْخَلْقِ خَرْدَلَةً وَاحِدَةً وَلَا أَقَلَّ مِنْهَا وَلَا أَكْثَرَ، وَلَكِنْ خَلَقَ الْخَلْقَ عَلَى مَا كَانَ فِي نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ، وَمِنْ عِنْدِهِ بَدَأَ الْعِلْمُ، وَهُوَ عَلَّمَ الْخَلْقَ مَا لَمْ يَعْلَمُوا، فَقَالَ ﵎: ﴿عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق: ٥] . وَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً، قَالُوا ⦗١٣٣⦘ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ، وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ، قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٣٠]

1 / 130