Kitab al-Radd wa-al-ihtigag ʿala al-Hasan b. Muhammad b. al-Hanafiyyat

Hadi Ila Haqq Yahya d. 298 AH
178

Kitab al-Radd wa-al-ihtigag ʿala al-Hasan b. Muhammad b. al-Hanafiyyat

كتاب الرد والاحتجاج على الحسن بن محمد بن الحنفية

فإن قالوا: إن الله سبحانه خلق الأدوات؛ التي تكون بها الأفعال في كل الحالات؛ من الفروج والأيدي والألسن واللهوات، كما خلق الجلود والقطن، والحديد والصوف، فنحن نقول إذ قد أوجد أصل أفعال العباد : إن منه أفعالهم، كما نقول: إن السرابيل منه إذ أوجد أصولها.

قلنا لهم في ذلك: ليس هذا كذلك؛ لأن الله سبحانه أوجد الأصل الذي نقل وصنع وعمل من هذه التي نسبها إليه من الجلود، والكرسف(1) والصوف والحديد، والعباد فعلوا الحدث الذي صرفوها به وأحدثوه فيها، من عملها ونسجها، وصناعتها وغزلها؛ بالأكف والأدوات التي جعلت لهم، والاستطاعة التي ركبت فيهم، فالتأم في ذلك جلود وأيد وحركات، فكان الله عز وجل الخالق للأيدي والجلود، وكان العباد الفاعلين للحركات، الصانعين لتلك المصنوعات. كذلك الله سبحانه خلق الحجارة والطين؛ والعباد بنوا الدور، وشيدوا ما بنوا من القصور، فاجتمعت في ذلك الحجارة والأكف العمالة(2) والحركات؛ التي دبرت لها الحجارات، فكان الله جل ثناؤه خالق الأيدي والصخور، والعباد أحدثوا الحركات وبنوا الدور. وأفعال الله سبحانه فكائنة عندما يريدها بلا تحيل ولا حركات، ولا تأليف شيء إلى شيء بالأكف العاملات(3).

ففي هذا أبين الفرق بين أفعال المخلوقين، وبين أفعال رب العالمين، فما كان من فعل الله فليس من أفعال العباد، وما كان من أفعال العباد فليس من أفعال ذي العزة والأياد.

كذلك لو أن رجلا سرق صوفا؛ فنسجه سربالا وثوبا؛ لم يعذبه الله سبحانه على حزم الصوف، ولا على ما قبضه به من اليد والكف، وإنما يعذبه على أخذه، وحوزه عن ربه، واستئثاره عليه به، وما كان من انتفاعه به ولبسه، فعذبه سبحانه على ما كان من حركاته وفعله، ولم يعذبه على ما خلق وصور من نفس المسروق وصورته.

Page 475