فأخبر سبحانه أنه إنما خلق السموات والأرض وما احتوتا عليه من آياته وعجائب مصنوعاته ليستدل بذلك على كمال قدرته، وسعة علمه، وقال: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [هود: ٧] . فنبه على الحكمة في ذلك وهو أنه ليبلو عباده أيهم أحسن عملًا، وقال: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذريات:٥٦] .فأخبر سبحانه بالحكمة في خلقه الجن والإنس، وهو إنما خلقهم ليعبدوه وحده وقال: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ [النجم:٣١] . فأعلمنا سبحانه أنه إنما خلق هذه المخلوقات للحكَِم التي ذكرها لا لأجل أحد من خلقه، وقد ذكرت في الجواب على الأبيات بعض كلام النسفي الحنفي في تفسيره على قوله سبحانه: ﴿قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ [لأعراف: ١٨٨] .
قال: " هو الظاهر للعبودية وبراءة عما يختص بالربوبية من علم الغيب أي أنا عبدٌ ضعيف لا أملك لنفسي اجتلاب نفع ولا دفع ضر كالمماليك إلا ما شاء الله مالكي من النفع لي ودفع الضر عني ﴿قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾ أي لكانت حالي على خلاف ما هي عليه من استكثار الخير واجتناب السوء والمضار حتى لا يمسني شيء منها ولم أكن غالبًا مرة ومغلوبًا أخرى في الحروب".انتهى.
1 / 36