وعلى منوالها جاءت البردة، ومن هذا التأريخ الموجز، نفهم من أين نبع الغلو والانحراف في هذه البردة؟ وقد رويت في سبب تأليف البردة قصة وهمية خرافية لا نعلم لها سندًا ولا خطامًا.
وينبغي على المسلم الواعي أن لا يقبل حديثا أو أثرًا أو قصةً أو خبرًا إلا بالتبين من صحة نسبته إلى قائله، ولا يتأتى هذا إلا بالنظر في إسناده لمعرفة حال رواته من ناحية الاحتجاج بهم من عدمه، فإن كان ليس من أهل النظر في الأسانيد، فليرجع إلى المختصين في علم الحديث من أهل السنة فيسألهم إعمالًا لقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٤٣] . وينبغي على طالب النجاة والسلامة أن يتحرى علماء السنة، ولا يغامر بدينه مع علماء الفرق المبتدعة من الصوفية وغيرهم، كما قال ابن سيرين- ﵀: "إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم"١.
وكما قال عبد الله ابن المبارك ﵀: "الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء"٢.
وقد أجاد الشيخ أبو بطين- ﵀ في تفنيد شبهات الخصم،
_________
"١" أثر صحيح: أخرجه الإمام مسلم في مقدمة صحيحه"١/١٤"، والترمذي في آخر الشمائل المحمدية"٣٩٧"،والدارمي في سننه [٤٢٤]، والخطيب في الكفاية في علوم الرواية"١/١٢٢".
"٢"أثر صحيح: أخرجه الإمام مسلم في مقدمة صحيحه "١/١٥"، قال: حدثني محمد ابن عبد الله بن قهزاد سمعت عبدان بن عثمان سمعت عبد الله بن المبارك به.
1 / 5