المسلمين إلى أن قال: فمن أثبت وسائط بين الله وبين خلقه كالحُجَّاب الذين يكونون بين الملك وبين رعيته بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله حوائج خلقه وأن الله إنما يهدي عباده ويرزقهم وينصرهم بتوسطهم بمعنى أن الخلق يسألونهم وهم يسألون الله، كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملوك حوائج الناس لقربهم منهم والناس يسألونهم أدبًا منهم أن يباشروا سؤال الملك من الطالب فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه فهو مشرك يجب أن يستتاب فإن تاب وإلاّ قُتِل، وهؤلاء شبّهوا الخالق بالمخلوق وجعلوا لله أندادًا وفي القرآن من الرد على هؤلاء مالا تتسع له هذه الفتوى فإن هذا دين المشركين عبّاد الأوثان كانوا يقولون إنها تماثيل الأنبياء والصالحين وأنها وسائل يتقربون بها إلى الله وهو من الشرك الذي أنكره الله على النصارى حيث قال: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ﴾ [التوبة: ٣١] .
وقد بين هذا التوحيد في كتابه وحسم مواد الإشراك به حيث لا يخاف أحد غير الله ولا يرجو سواه ولا يتوكل إلا عليه، قال تعالى: ﴿فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ﴾ [المائدة: ٤٤] .
وقال: ﴿وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ﴾ [التوبة:١٨]
وقال: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران:١٧٥] .
وقال: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [النور:٥٢] . فبين أن الطاعة لله والرسول، وأما الخشية فلله
1 / 18