259

Qut Qulub

قوت القلوب

Investigator

د. عاصم إبراهيم الكيالي

Publisher

دار الكتب العلمية - بيروت

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م

Publisher Location

لبنان

فاسألوا فإنه يؤجر فيه أربعة: السائل، والعالم، والمستمع، والمحب لهم، وكان ابن مسعود ﵁ يقول: إن من يفتي الناس في كل ما يستفتونه لمجنون، وقال الأغمش: من الكلام كلام جوابه السكوت، وقال ذو النون المصري رحمه الله تعالى: حسن سؤال الصادقين مفتاح قلوب العارفين، فأما القاص فهو الذي يبتدئ فيقصّ الأخبار ويذكر القصص والآثار ولذلك سمي قاصهًا أي يتبع قصة من سلف، ومنه قوله تعالى: (وقالت لأُخْتِهِ قُصِّيهِ) القصص: ١١، أي تتبعي أثر موسى تعرفي قصته وأخبريني خبره، وقال مالك بن أنس رحمه الله تعالى: من اذالة العلم أن ينطق به قبل أن يسأل عنه، وقال مرة من إذالة العلم أن يجيب عن كل ما يسأل عنه أي من إهانته ووضعه، يقال أشل هذا وأذل هذا أي ارفع وضع، يقال: إذا تكلم بالعلم قبل أن يسأل عنه ذهب ثلثا نوره، وقد قال إبراهيم بن أدهم وغيره: سكوت العالم أشد على الشيطان من كلامه لأنه يسكت بحلم وينطق بعلم فيقول الشيطان: انظروا إلى هذا سكوته أشد عليّ من كلامه، ولذلك يقال: الصمت زين العالم وستر الجاهل وعن القاسم بن محمد أنه قال: من أكرم المرء نفسه أن يسكت على ما عنده حتى يسأل عنه، وكذلك هو لعمري لأنه إذا تكلم بعد السؤال فهو صاحبها وربما كان فرضًا وليس الحاجة إلاالقيام بالفرض من الشهوات، ولقوله تعالى: (فَسْئلوا أهْلَ الذِّكْر) النحل: ٤٣ فأوجب أن يجيبوا من حيث أمر أن يسألوا وقال ﷺ: من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار فتوعد عليه بالعقاب، وقد يكون الابتداء بالشيء من خفايا الشهوات والشهوات من الدنيا ووصف رجل لمالك بن أنس فقال: لابأس به لولا أنه يتكلم بالشيء قبل أن يسأل عنه، وقال مرة: لابأس به إلا أنه يتكلم بكلام شهر في يوم، وقد قيل في معنى ما ذكر: إن الكلام من الشهوات، قال: هو الذي يبتدئ به قبل أن يسأل عنه ووصف بعضهم الأبدال فقال في وصفهم: أكلهم فاقة وكلامهم ضرورة وكانوا لا يتكلمون حتى يسألواعن شيء فيجيبوا، ومن لم يتكلم حتى يسأل فليس يعد لاغيًاولا متكلمًا فيما لايعنيه لأن الجواب بعد السؤال كالفرض بمنزلة رد السلام وكما قال ابن عباس ﵄ إني لأرى رد الجواب واجبًا كرد السلام، وقد قال أبو موسى وابن مسعود ﵄: من سئل عن علم فليقل به ومن لا فليسكت وإلا كتب من المتكلفين ومرق من الدين، ورويناه عن ابن عباس أيضًا وقد كانوا يخافون من دخول التكلف عليهم في كل شيء ويعد بعضهم بالابتداء بالكلام من غير حاجة تدعو إليه أو قبل سؤال عنه من غير أن يرى له موضعًا أو يجد له أهلًا يعدونه من التكلف، وفي وصية ابن عباس لمجاهد: لا تتكلم فيما لا يعنيك فإنه أفضل ولاآمن

1 / 265