Qut Qulub
قوت القلوب
Investigator
د. عاصم إبراهيم الكيالي
Publisher
دار الكتب العلمية - بيروت
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م
Publisher Location
لبنان
طلب العلم فريضة ثم قال: على كل مسلم بعد قوله: اطلبوا العلم فكان هذا على الأعيان فكأنه على ما وقع عليه إسم العلم ومعناه المعهود المعروف بإدخال التعريف عليه فأشير بالألف واللام إليه فإذا بطلت هذه الوجوه صحّ أن قوله ﷺ: طلب العلم فريضة على كل مسلم أي طلب علم ما بني الإسلام عليه فافترض على المسلمين علمه فريضة بدليل قوله ﷺ للأعرابي حين سأله: أخبرني ماذا افترض الله تعالى عليّ، وفي لفظ آخر: أخبرنا بالذي أرسلك الله تعالى إلينا به، فأخبره بالشهادتين والصلوات الخمس والزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت، فقال: هل علي غيرها؟ فقال: لا إلا أن تطوع فقال: والله لا أزيد عليه شيئًا ولا أنقص منه شيئًا فقال: أفلح ودخل الجنة إن صدق فكان علم هذه الخمس فريضة من حيث كان معلومه فريضة إذ لا عمل إلا بعلم.
وقد قال ﷿: (إلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) الزخرف: ٨٦، وقال في مثله: (حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) النساء: ٤٣، وقال: (هلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إنْ تَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنَّ) الأنعام: ١٤٨، وقال: (بَلِ اتَّبَعَ الَّذينَ ظلمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدي مَنْ أضَل الله) الروم: ٢٩، وقال تعالى: (ولا تَتَّبعْ أَهْواءَ الَّذين لا يَعْلَمُونَ) (إنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ الله شَيْئًا) الجاثية: ١٨ - ١٩، وقال ﷾: (فَاعْلَمُوا أنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ الله وأنْ لا إله إلاَّ هُوَ) هود: ١٤، وقال: (فَسْئَلُوا أهْلَ الذِّكر إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) الأنبياء: ٧، فهذه الآية افترض الله فيها طلب العلم وذلك الخبر الذي جاء في أبنية الإسلام الخمسة افترض رسول الله ﷺ فيه هذه الأعمال ثم قال مجملًا: طلب العلم فريضة ثم وكده بقوله ﷺ على كل مسلم فكان تفسير ذلك وتفصيله أن علم هذه الخمس التي هي بنية الإسلام فرض لأجل فرضها.
وقد روينا عن رسول الله ﷺ من طريق مرسل أنه مر برجل والناس مجتمعون عليه فقال: ما هذا؟ فقالوا رجل علامة فقال: بماذا؟ قالوا بالشعر والأنساب وأيام العرب، فقال: هذا علم لا يضرّ جهله، وفي لفظ آخر: علم لا ينفع وجهل لا يضر، وروينا في الخبر: إن من العلم جهلًا وإن من القول عيًا، وفي الخبر الآخر: قليل من التوفيق خير من كثير من العلم، وفي خبر غريب: كل شيء يحتاج إلى العلم يجتاج إلى التوفيق والخبر المشهور قوله ﷺ: أعوذ بك من علم لا ينفع فسماه علمًا إذ له معلوم وأن أصحابه علماء عند أصحابهم ثم رفع المنفعة عنهم واستعاذ بالله منه.
1 / 227