فتنهد صادق قائلا: كانت شعلة فأصبحت رمادا. - لعلها الصحة! - الصحة في أحسن أحوالها .. بل لعلها تسمن أكثر مما يجب، تفقد رشاقتها، وتطل من عينيها نظرة هادئة بل خامدة، وتعنى بكل شيء ولكنها تهمل نفسها، منظر جديد تماما.
وتساءل طاهر: لا مؤاخذة .. هل ...؟
فقاطعه بصراحة: تستجيب إذا استجابت بدافع الواجب لا الرغبة! - هل وقع بينكما شيء؟ - أبدا، نحن على أتم صفاء، المسألة أعمق من ذلك.
فقال له إسماعيل: عليك بالمزيد من الصبر. - قلت لها مرة: مالك يا عزيزتي؟ لماذا تهملين منظرك؟ كنت دائما وردة يانعة، فاعتذرت بعملها في البيت وعنايتها بالولد .. أعذار واهية وغير مقبولة .. وأكثر من ذلك فهي راضية وسعيدة، غاية في النشاط، لا تهمل شيئا ولكنها تهمل أهم شيء. بيتنا مثال في نظافته وطعامه، الولد يتألق دائما في اللفائف الناصعة، ورغم ذلك فربة البيت كبرت مائة عام!
ونظر حمادة إلى طاهر عبيد وسأله: كيف ترى ذلك؟
فقال طاهر: إنها حال شاذة.
فتساءل إسماعيل: هل يلزم استشارة طبيب؟
فقال صادق: لمحت إلى ذلك فاستاءت ودمعت عيناها ... إنها مثال في الحياء والتهذيب والطاعة فاعتبرت تلميحي إهانة، وذكرتني بأنه لا ينقصني شيء ... فقلت لها إن العلاقة بين الزوجين لا يمكن أن تكون واجبا مفروضا، فأكدت لي أنها ليست كذلك!
ولم نملك إلا أن نحثه على الصبر ونمنيه بالشفاء، ولكننا أدركنا مدى خطبه؛ إنه رجل يتفانى في عمله ولا عزاء له في يومه الشاق إلا الحب، وهو لا يشبع منه فكيف يصبر على بلواه؟!
وأخيرا قال لنا: ثم إنها حملت من جديد وأخشى أن يزداد الأمر سوءا.
Unknown page