142

Quenching the Thirst with the Sessions of the Branches of Faith

ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان

Publisher

مكتبة دروس الدار

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٤٤ هـ - ٢٠٢٢ م

Publisher Location

الشارقة - الإمارات

Genres

سورة الإخلاص: وقول النبي ﷺ: «﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ». معناه كما قال شيخ الإسلام ﵀: القرآن باعتبار معانيه ثلاث أثلاث: ثلث توحيد، وثلث قصص، وثلث أمر ونهي؛ لأن القرآن كلام الله. والكلام: إما إنشاء، وإما إخبار، والإخبار: إما عن الخالق، وإما عن المخلوق. والإنشاء: أمر ونهي وإباحة. فـ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ فيها ثلث التوحيد، الذي هو خبر عن الخالق، وقد قال ﷺ: «﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ تعدل ثلث القرآن» وعَدل الشيء -بالفتح- يكون: ما سواه، من غير جنسه، … وذلك يقتضي: أن له من الثواب ما يساوي الثلث في القدر، ولا يكون مثله في الصفة، كمن معه ألف دينار وآخر معه ما يعدلها من الفضة والنحاس وغيرهما. ولهذا يحتاج إلى سائر القرآن، ولا تغني عنه هذه السورة مطلقا، كما يحتاج من معه نوع من المال إلى سائر الأنواع، إذ كان العبد محتاجا إلى الأمر والنهي والقصص. وسورة ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ فيها التوحيد القولي العملي، الذي تدل عليه الأسماء والصفات، ولهذا قال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢)﴾ [الإخلاص: ١ - ٢] ا. هـ (^١) وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ ﵀: اشْتَمَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَى اسْمَيْنِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى يَتَضَمَّنَانِ جَمِيعَ أَصْنَافِ الْكَمَالِ لَمْ يُوجَدَا فِي غَيْرِهَا مِنَ السُّوَرِ وَهُمَا «الْأَحَدُ الصَّمَدُ» لِأَنَّهُمَا يَدُلَّانِ عَلَى أَحَدِيَّةِ الذَّاتِ الْمُقَدَّسَةِ الْمَوْصُوفَةِ بِجَمِيعِ أَوْصَافِ الْكَمَالِ وَبَيَانُ ذَلِكَ: أَنَّ الْأَحَدَ يُشْعِرُ بِوُجُودِهِ الْخَاصِّ الَّذِي لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَالصَّمَدُ يُشْعِرُ بِجَمِيعِ أَوْصَافِ الْكَمَالِ لِأَنَّهُ الَّذِي انْتَهَى إِلَيْهِ سُؤْدُدُهُ فَكَانَ مَرْجِعُ الطَّلَبِ مِنْهُ وَإِلَيْهِ وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّحْقِيقِ إِلَّا لِمَنْ حَازَ جَمِيعَ خِصَالِ الْكَمَالِ وَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى فَلَمَّا اشْتَمَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَى مَعْرِفَةِ الذَّاتِ الْمُقَدَّسَةِ كَانَتْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى تَمام الْمعرفَة بِصِفَات الذَّات وصفات الْفِعْل ثناءا ا. هـ (^٢)

(^١) اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (٢/ ٣٩٤). (^٢) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم لأبي العباس القرطبي (٢/ ٤٤٢/ ط ابن كثير).

1 / 148