قالت الحاجة: ربنا معه يا نبوية، يشفيه ويعافي جميع المسلمين.
بكت المرأة وقالت: ما عاد إلا منه، من ثلاثة أيام وهو يطلع في الروح.
الحاجة نادت على زينب، قالت لها: سلمي على أمك، البنت وقفت قدامها لا عرفت سلام ولا كلام. يا بنت سلمي على أمك، أمي يا ماما؟! خليها عندكم يومين يا نبوية.
بس أبوها يشوفها وترجع على طول يا حاجة، حاكم روحه فيها وما يعلم روحه إلا باريها. خليها لغاية ما تعلميها. - أعلمها بعدك يا حاجة ؟! - ولو تميز من أمها وأبوها، بدل ما طول النهار يا بابا ويا ماما. بابا وماما في عينيك قليلة الحيا، قدامي يا بنت! •••
البنت راحت مع أمها على العزبة، مشت في الوحل وأكلت العيش والمش وعاشت وسط البهائم والفلاحين.
في أول ليلة باتت مع أبيها على السرير، السرير الأسود أبو عمدان، أبوها طول الليل يقول: آه يا جنبي، آه يا ظهري، آه يا ...
وفي عز الليل تقوم مفزوعة من النوم وتنادي عليه وتسقيه: حاضر يا آبه، أنا جنبك يا آبه، عاوز حاجة يا آبه.
ولما طلع السر الإلهي والشيخ علي لتم عينيه، وشاله في الطشت وغسله مع بقية الناس عرفت أنه أبوها، ولما صوتت أمها وعددت عليه، والرجال جاءوا وشالوا النعش على أكتافهم، صرخت مع أمها وقالت: هاتوا لي أبويه عرفت أكثر وأكثر، ولما جاءت النسوان وطبطبوا على ظهرها وقالوا لها البركة فيك وربنا قادر على كل شيء، عرفت إنها محتاجة لأمها وأمها محتاجة إليها.
وتمر الأيام والمأتم ينفض، هذا هو حال الدنيا، وتعود زينب مع أمها إلى البلد، طول السكة أمها توصيها، طول السكة وهي تهز رأسها وتضغط على يد أمها - ياما تعبت من الشيل والحط والخبيز والعجين، ياما انجرحت وتشققت يداي - سميرة تقول لي: يا ست سميرة.
لكنني سألعب معها يا أمي، أليس كذلك؟
Unknown page