توراتها لوح ساقيها سنا، وأنا
أتلو وأدرسها كأنني موسى
فانظر إلى تمثيل الحقيقة الإلهية بالصورة المجسدة المستمدة من قصة بلقيس حين خطت على أرض الزجاج التي أعدها سليمان، فحسبتها ماء وشمرت عن ساقها، إلى آخر القصة، التي استخدمها ابن عربي أجمل استخدام ليشير بها إلى الجمال، وهو بين التستر والظهور، كما يشير بها إلى النور إشارة شعرية بديعة، ولكل من إدريس ، وعيسى، وموسى قصة ترويها الكتب، ولا بد من معرفة هذه القصص لكي نهيئ لأنفسنا الجو الذي نفهم به أمثال هذه الأبيات وما ترمز إليه، وفي الديوان أمثلة كثيرة من هذا القبيل. (6)
رموز العدد. وأهم ما يلفت النظر في هذا الصدد، قصيدة بأسرها ترتكز على رمز «الثلاثة» أو «الثالوث» هي قصيدة «شموس في صورة الدمى» (ص45-47) التي يقول عنها ابن عربي في سياق شرحه لها: «وهذه قصيدة ما رأيت نفسها في نظم ولا نثر لأحد قبلي ... كل بيت منها فيه تثليث.» وقد استند «آسين بلاثيوس»
5
على هذه القصيدة - فيما استند إليه - ليبين كيف ألف ابن عربي بين العقيدة الإسلامية والأصول الرئيسية في العقيدة المسيحية، مشيرا بذلك إلى التثليث والتجسد، «ففيما يتصل بالعقيدة الخاصة بالتثليث يرى أن من الأمور الجوهرية القول بنوع من العلاقات الثلاثية في الوحدة الإلهية.» ومن هنا يستنتج أن النصارى يعتقدون في عقيدة التثليث في الأقانيم (الأشخاص)، ويستبعدون التثليث في الآلهة. والسبب الميتافيزيقي لهذا الرأي الذي قال به مستمد من «فكرة الفيثاغوريين في العدد «3» الذي هو الأصل في الأعداد الفردية»؛ لأن العدد «واحد» ليس وحده بذاته عددا ولا يفسر الكثرة في العالم، فمن الواحد لا يصدر إلا الواحد وأبسط الأعداد في داخل الكثرة هو الثلاثة.
6
وللعدد «3» عند ابن عربي أهمية خاصة؛ إذ يرى أن حياة الله تقتضي ثلاثة عناصر إلهية، وثلاث علاقات، من أجل أن يفسر بها أصل الكون ووجوده، أعني: «الذات الإلهية، والإرادة الإلهية، والكلمة الإلهية، ولكنه يضيف أن هذه الثلاثة متحدة في الله، وهي واحدة فيه.»
7
وهذه العناصر الإلهية الثلاثة ظاهرة في قوله تعالى:
Unknown page