97

Qissat Turuwada

قصة طروادة

Genres

أإلى حتفك كنت تستأذنني إذن؟

ويلي عليك يا بتروكلوس! ويلي عليك يا أعز الأحباب.»

ولم يطق؛ فطفق يحثو التراب على رأسه ويشد شعره فيكاد ينزعه، ويرسل في السماء وفي الأرض والبحر صرخاته المدويات.

وانتفض الموج وفار الماء؛ وكأنما اتصل قلب أخيل باليم فاضطرب بما فيه من وجد، واصطخب بما يئوده من كمد، وشاعت فيه أشجانه وأحزانه حتى وصلت إلى الأعماق، حيث تأوي ذيتيس إلى زوجها رب البحار السفلية، فشعرت الأم المحزونة بما ينتاب ولدها في أسطوله الراسي على هامش طروادة، وأحست بما يأخذه من ألم، ويمزق حشاه من عناء؛ فصرخت ثمة صرخة اجتمع لها كل عرائس البحر وعذارى الماء من حوريات نريوس،

1

وأخذن يلطمن خدودهن الوردية تحت الثبج، ويذرين من نرجس عيونهن فيضا من الدمع الدري، ثم انتظمن صفوفا صفوفا، ورحن يتهادين وراء ذيتيس، مرسلات في الأعماق أناشيد الحزن، طاويات ذلك الرحب الذي يفصل بين مملكة مولاهن وبين شطآن إليوم؛ حتى إذا كن عند الأسطول الهيلاني طفون فوق الماء فانقلبت اللجة بجمعهن جنة، وارتد البحر بربربهن فردوس نعيم!

وبرزت ذيتيس فرقت سفينة ابنها أخيل الباكي الآن الحزين؛ وتقدمت فضمته إلى صدرها الحنون، وجعلت تهون عليه أمر صاحبه، وتصرفه عن هذه الحرب التي يفرق من هولها قلبها الخفاق أشد الفرق، لما تعلمه منذ قديم من القتلة التي تخترم ولدها تحت أسوار طروادة، كما أنبأتها بها ساحرات الماء ...

وأن أخيل أنة شديدة، وقال لأمه: «أماه! هكذا قدر لنا أن نلقى ما حتمه القضاء علينا، وهكذا شاء سيد الأولمب الكبير المتعال، ولكن خبريني بربك: ما قيمة هذه الحياة ما لم يعد بتروكلس ينضرها ويزين حواشيها، وما دام أعز أحبابي وأودائي ملقى فوق هذه الساحة النكراء، ذبيحا بين أشقى الخصوم الألداء!

آه يا بتروكلوس! لقد شفى هكتور غلة قلبه حين سفك دمك غادرا، وحين انتزع عدتك غادرا، وحين يفاخر بكل أولئك غادرا!

وهذه العدة يا أماه! أيلبسها هذا الشقي وهي هدية الآلهة إلى بليوس، أبي، رب الأعماق، وهدية من أبي إلي؟!

Unknown page