72

الطبيب :

هل تشرب الخمر؟

إبراهيم :

لا.

الطبيب :

اذكر لي صنوف الدواء التي أخذتها أو تأخذها.

إبراهيم :

باستثناء أقراص الأسبيرين، لا أذكر أن جسمي قد دخله دواء قط.

هنا ألقى الطبيب بقلمه على مكتبه بحركة عصبية، قائلا: فليسمع أبناء الغرب ليقارنوا حياة بحياة. بدأ الطبيب فحوصه وتحليلاته لينتهي إلى نتيجة هي أن ليس هنالك ما يدعو إلى القلق؛ فظاهرة الدوار مصيرها إلى زوال سريع.

وسارت سفينة الحياة بإبراهيم على خير ما يرجوه إنسان في مثل عمره، ونشط في إنتاجه الفكري على صورة لفتت إليه الأنظار؛ وفجأة ارتطمت السفينة بحجر ضخم فتحطمت مقدمتها وبعض جوانبها، وذلك أنه أمسك بورقة ساعة العصر، ذات يوم من فصل الصيف، فإذا حاجز أسود يسد عليه الطريق، وأسرع إلى منظاره ليمسح عنه العتمة التي ظنها هناك، فوجد زجاج المنظار صافيا، ففرك عينيه، لكن ذلك لم يزحزح شيئا من العائق الذي جاء ليحول بينه وبين الورقة التي بين يديه؛ وعبثا بعد ذلك كانت محاولات الأطباء في مصر وإنجلترا وإسبانيا، ولن يستطيع أحد أن يتصور كم استحال إبراهيم رجلا غير الرجل، إلا من عرفه كما عرفته، فعرف مقدار المساحة التي تحتلها القراءة والكتابة من حياته، فإذا ذهبت عنه القدرة على متابعتها في حياته، فكأنما هو فقد الحياة حتى ولو ظلت الرئتان تتنفسان وظل القلب ينبض.

Unknown page