ونتيجة لتلاقح هذا الكائن المذكر المؤنث مع ذاته، أنجب كيانا جديدا هو «ليل»، الذي ترجم بمعنى الهواء، وأرى أنه يحمل في اسمه أيضا معناه الذي حملته كل اللغات السامية بما فيها العربية، بمعنى الليل أو العتمة، وبإضافة اسم الجلالة السومري «آن» يصبح «آنليل
AN-LIL »، وفي اللغات السامية بدءا من الأكاديين الذين حلوا محل السومريين في الرافدين يحل اسم الجلالة السامي «إيل أو إل
EL » محل اسم الجلالة السومري «آن»، فيصبح «آنليل» هو «الليل
EL-LIL ».
8
ويساعد على فهمنا هذا، أن «نانا
NANA » إله الليل وهو القمر متولد أصلا في المفاهيم الرافدية من الهواء، وتؤكد الأساطير الرافدية أن القمر ابن «آنليل»، ومن هنا نعتقد أن الهواء والليل حملا معنى واحدا لدى السومريين.
وهكذا جاء الهواء أو الليل أو العتمة أو الظلمة «آنليل»، ليفصل في الغمر أو البحر الأول «نمو» بين مياه ومياه، فرفع المياه الذكر إلى الأعلى لتصبح سماء وحط بالمياه الأنثى إلى الأسفل لتصبح أرضا وفي ذلك ما يفسر لنا اعتبار الإله «أنكي
ANKI » إلها للماء، كما يلتقي مع تصور الأقدمين للسماء كبحر علوي، تهطل منه الأمطار والسيول، عندما تفتح أبوابه بماء منهمر.
وبذلك تمكن «آنليل» من أن يحدد في الماء الأول بين ماء ذكر وماء أنثى، ويفصلهما عن بعضهما، حدد لكل منهما هويته وذاتيته وشخصيته المستقلة، وهو ما يمكن فهمه من ترجمة كريمر السالفة «هو الذي أظهر للعيان.» والتي حاول «فوزي رشيد» أن يجعلها أوضح في ترجمته لنفس النص «قد جعل كل ما هو نافع يبدو ناصعا.» أي واضحا ومحددا ومستقلا بشخصه، وأتصور أنه حتى «يظهر للعيان» ويجعل كل ما هو نافع «يبدو ناصعا»، كان لا بد من عمل آخر هو أن يحيل الظلمة التي على وجه الغمر البدائي إلى ضياء، يظهر للعيان ويجعل المرئيات ناصعة واضحة، لذلك جاء في زعم «كريمر» أن «آنليل» هو الذي جاء بالإله الشمس «أوتو
Unknown page