Qissat Adab Fi Calam
قصة الأدب في العالم (الجزء الأول)
Genres
50 (3-3) كتاب «بيورانا»
51
بيورانا هو الكتاب الذي يقدسه الهندوس المحدثون، وقد كتب لأول مرة في القرن السادس الميلادي؛ فالهندوس بطبعهم محبون للقصص التي تروى عن الآلهة، ونشأت حول ذلك مجموعة كبيرة من الأساطير يتلقاها الأبناء عن آبائهم، ثم يضيف إليها الشعراء حينا بعد حين ما يخلقه خيالهم؛ فكم من عجوز تجلس إلى مغزلها وحولها الأبناء والأحفاد ينصتون إليها وهي تروي قصص الجن التي سمعتها في طفولتها.
من هذه المجموعة الزاخرة بالأساطير والقصص يتألف «بيورانا»، حتى لكأنه موسوعة تحوي بين دفتيها كل شيء، ففيه بسط مستفيض لحياة الآلهة والقديسين، وفيه قصص عن الخلق كيف كان، وترى فيه التراتيل الدينية، إلى جانب حقائق عن تكوين طبقات الأرض وصخورها؛ وشيئا عن التشريح إلى جانبه بعض قواعد الموسيقى؛ وترى فيه معلومات فلكية عن مسالك النجوم إلى جانب دروس في قواعد اللغة، فكأنما هذا الكتاب الضخم شيخ أثقلته تجارب الأيام، تطيب لك صحبته، ويحلو لك حديثه، حين يستطرد من موضوع إلى موضوع مما لقنته حوادث السنين.
والآلهة في هذا الكتاب ثلاثة، كل منهم يمثل جانبا من جوانب القوة؛ «فبراهما» هو الإله الخالق، و«فشنو»
52
هو الإله الحافظ، و«شيفا»
53
هو الإله المهلك المبيد، وهو يصور براهما في هيئة رجل له لحية وأربعة رءوس وأربع أيد، في يد منها يحمل الصولجان رمز القوة، وفي ثانية يحمل طائفة من أوراق الشجر تمثل الكتب المقدسة، وفي ثالثة يحمل زجاجة ملئت من ماء الكنج، وهو نهر مقدس عند الهندوس، وفي رابعة يحمل عقدا يمثل الصلاة. •••
ويشيع بين الهندوس عقيدة تناسخ الأرواح، ولا يعرف على التحديد مبدأ ظهورها في الهند، فلا أثر لها في الفيدا، ولها أثر قليل في البراهمانا، وهي ظاهرة مقبولة في اليو بانشاد وفي البوذية، وعن البوذية انتشرت في آسيا. وخلاصة هذه العقيدة أن الأرواح لا تموت ولا تفنى، وأنها تنتقل من بدن إلى بدن كما يستبدل البدن اللباس إذا خلق، وتترقى النفس في الأبدان المختلفة كما يترقى الإنسان من طفولة إلى شباب إلى كهولة إلى شيخوخة، لأن النفس تتطلب الكمال، وتشتاق إلى العلم بكل شيء، وعمر الإنسان قصير فلا بد من تنقل النفس من بدن إلى بدن لتستفيد تجارب جديدة، فالأرواح الباقية تتردد في الأبدان البالية وهي تتردد من الأرذل إلى الأفضل حتى تبلغ كمالها وتتحد بالله. (3-4) القصص والأمثال
Unknown page