Qissat Adab Fi Calam
قصة الأدب في العالم (الجزء الأول)
Genres
169
أي الشعراء من قصاص الأساطير. وكان هؤلاء الناثرون يتحدثون عن نشأة المدن القديمة وتاريخ بنائها وعن الأبطال الذين فيها والآلهة التي هيمنت على مصائرها، وعن المعارك الخارقة التي كسبها أبناؤها. كانوا بالجملة يكتبون نثرا عن موضوعات تشبه موضوعات الشعر القصصي. ولقد كان في كتابات هؤلاء الناثرين ما مهد السبيل لظهور المؤرخين، فكتاباتهم وسط بين الشعر القصصي وكتب التاريخ التي يعتبر كتاب هيرودوت أقدم أنموذج لها. (أ) هيرودوت
ولد هيرودوت - أقدم مؤرخي الإغريق في آسيا الصغرى - بمدينة هليكرناسوس سنة 480ق.م. وكانت تلك المدينة الدورية الأصل قد اصطبغت في ذلك الحين بالحضارة الأيونية اصطباغا تاما، فأصبحت لغتها اللغة الأيونية.
ولد هيرودوت من أسرة عريقة، كان من بين أفرادها من أولعوا بالتواريخ القديمة وبقراءة الشعراء واحترام التقاليد الدينية. وكانت هليكرناسوس - مسقط رأسه - قد وقعت في قبضة الفرس الذين لم يكف سكان المدينة عن مناهضتهم، وكان مؤرخنا من أنصار الحزب القومي الذي لم يلبث رئيسه - وهو أحد أقرباء هيرودوت - أن قتل، فنفي هيرودوت إلى جزيرة ساموس لمدة قصيرة، ثم عاد إلى وطنه، ولكنه لم يكد يستقر حتى نفي مرة ثانية سنة 454ق.م. فقام عندئذ بسياحاته الطويلة التي زار فيها مصر وجابها حتى معبد الفيلة، كما زار الفرس وأوغل فيها حتى وصل إلى ما بعد سوس، وفي الشمال سافر حتى وصل إلى البوسفور فيما يحدث هو عن نفسه، ونضيف إلى ذلك أنه قد زار أيضا آشور وفينيقيا وطبرق وقبرص، وأنه قد استقر في آخر حياته بجنوب إيطاليا في مدينة توريم
170
الإغريقية حيث مات فيما يرجح سنة 425ق.م.
وأما أثينا فقد زارها بلا ريب غير مرة، وأقام فيها إقامات طويلة، وهم يحدثوننا أنه قد قرأ في سنة 446ق.م. جزءا من كتابه في الساحة العامة بتلك المدينة فنال إعجاب السامعين، وكافأته المدينة مكافأة مالية كبيرة، وفي سنة 440ق.م. حياه الشاعر سوفوكليس تحية شعرية جميلة عند عودته إلى مدينة بركليس.
لقد كتب هيرودوت كتابه عن الحروب الميدية،
171
وهي الحروب التي نشبت بين الفرس والإغريق من سنة 492ق.م. إلى سنة 449ق.م . ولهذا سمي كتابه «عرض للبحث»
Unknown page