196

Qisas Anbiya

قصص الأنبياء

Investigator

مصطفى عبد الواحد

Publisher

مطبعة دار التأليف

Edition Number

الأولى

Publication Year

1388 AH

Publisher Location

القاهرة

Genres

History
فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى عِيدِهِمْ، وَاسْتَقَرَّ هُوَ فِي بلدهم " راغ إِلَى آلِهَتهم " أَيْ ذَهَبَ إِلَيْهَا مُسْرِعًا مُسْتَخْفِيًا، فَوَجَدَهَا فِي بَهْوٍ عَظِيمٍ، وَقَدْ وَضَعُوا بَيْنَ أَيْدِيَهَا أَنْوَاعًا مِنَ الْأَطْعِمَةِ قُرْبَانًا إِلَيْهَا فَقَالَ لَهَا عَلَى سَبِيل التهكم والازدراء " أَلا تَأْكُلُونَ * مالكم لَا تنطقون * فرَاغ عَلَيْهِم ضربا بِالْيَمِينِ " لِأَنَّهَا أَقْوَى وَأَبْطَشُ وَأَسْرَعُ وَأَقْهَرُ، فَكَسَّرَهَا بِقَدُومٍ فِي يَدِهِ كَمَا قَالَ
تَعَالَى: " فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا " أَيْ حُطَامًا، كَسَّرَهَا كُلَّهَا " إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُم إِلَيْهِ يرجعُونَ ".
قِيلَ إِنَّهُ وَضَعَ الْقَدُومَ فِي يَدِ الْكَبِيرِ، إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ غَارَ أَنْ تُعْبَدَ مَعَهُ هَذِهِ الصِّغَارُ! فَلَمَّا رَجَعُوا مِنْ عِيدِهِمْ وَوَجَدُوا مَا حَلَّ بِمَعْبُودِهِمْ " قَالُوا: مَنْ فَعَلَ هَذَا بآلهتنا إِنَّه لمن الظَّالِمين ".
وَهَذَا فِيهِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْقِلُونَ، وَهُوَ مَا حَلَّ بِآلِهَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا، فَلَوْ كَانَتْ آلِهَةً لَدَفَعَتْ عَنْ أَنْفُسِهَا مَنْ أَرَادَهَا بِسُوءٍ لَكِنَّهُمْ قَالُوا مِنْ جَهْلِهِمْ وَقِلَّةِ عَقْلِهِمْ وَكَثْرَةِ ضَلَالِهِمْ وَخَبَالِهِمْ: " مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ".
" قَالُوا سَمِعْنَا فَتى يذكرهم يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم " أَيْ يَذْكُرُهَا بِالْعَيْبِ وَالتَّنَقُّصِ لَهَا وَالِازْدِرَاءِ بِهَا، فَهُوَ الْمُقِيمُ عَلَيْهَا وَالْكَاسِرُ لَهَا.
وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَيْ يَذْكُرُهُمْ بِقَوْلِهِ: " وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أصنامكم بعد أَن توَلّوا مُدبرين ".
" قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يشْهدُونَ " أَيْ فِي الْمَلَأِ الْأَكْبَرِ

1 / 179