عن ابن عباس خلافه، وعطاء ثقة عنده، وعند الناس.
قال الشافعي: والعجب أنه يقول في عكرمة ما يقول، ثم يحتاج إلى شيء من علمه، يوافق قوله، فيسميه مرة، ويسكت عنه أخرى، ويروي عن ثور بن زيد، عن ابن عباس في الرضاع وذبائح نصارى العرب وغيره، ويسكت عن ذكر عكرمة، وإنما يحدثه ثور عن عكرمة، وهذا من الأمور التي ينبغي لأهل العلم أن يتحفظوا فيها.
ثم قال الفخر: وأما الاعتراض الثاني: وهو أن مالكا إذا احتاج إلى التمسك بقول عكرمة ذكره، وإذا لم يحتج اليه تركه، فهذا إن صح من مالك أورث ذلك طعنا في روايته وفي ديانته، ولو كان الأمر كذلك فكيف جاز الشافعي أن يتمسك بروايات مالك؟ وكيف يجوز أن يقول: إذا ذكرت الأئمة فمالك النجم.
ولا يخفى أن مقدم القضية الشرطية ثابت بنص الشافعي الذي لا يجوز لأحد التشكيك في صدقه وأمانته، وصحة أقواله، فثبوت التالي واضح بلا مرية، وأمثال هذا كثير في كلامه.
وقد أبرز هذا الداء الدفين، والانحراف عن الأئمة الطاهرين جماعة من فضلائهم بل يحتج به الدواني وجعله دليلا على حقية مذهبه.
قال جلال الدين الدواني في شرحه على العقائد العضدية عند ذكر الحديث المعروف: «ستفرق أمتي ثلاثا وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة» عند حصر الماتن الفرقة الناجية في الأشاعرة ما هذا لفظه:
فإن قلت: كيف حكم بأن الفرقة الناجية هم الأشاعرة، وكل فرقة تزعم أنها الناجية؟
Page 58