والحسن: كل فعل إذا فعله الفاعل لا يستحق الفاعل له ذما.
والقبح: كل فعل إذا فعله الفاعل استحق بفعله الذم.
واذا عرضنا انقسام أحكام الشرع فنقول العلم بأحكام الشريعة ضربان:
أحدهما: ما وجب فرض العلم به على الأعيان وهو ما لا يخلو مكلف من التزامه والعمل به من أفعال وتروك كالصوم والصلاة ووجوب الزكاة والحج لمن يجد المال وتحريم الزنا واباحة النكاح وتحريم الربا واباحة البيع وتحريم الخمر والقتل والسرقة وكذلك كل ما يكثر مواقعته من المحظورات ويجب على كل مكلف أن يعلم وجوبها عليه لاستدامة التزامها واختلفوا في عمله بوجوبها هل يجب أن يكون عن علمه بأصولها ودلائلها فذهب بعضهم إلى وجوب علمها بأصولها ودلائلها فيكون فرض العلم بأصولها على الأعيان كما كان فرض أحكامها على الأعيان وذهب بعضهم إلى أن فرض العلم بأصولها ساقط عنهم لأن الواجب عليهم العمل وأما العلم بالدلائل فيختص بها العلماء وهذا الوجه اوسع وأسهل وهو الأولى.
والضرب الثاني ما كان فرض العلم به على الكفاية وهو ما عدا النوعين من الأحكام التي تجوز أن يخلوالمكللف من التزامها ومعنى الفرض على الكفاية أنه يجب أن ينتدب لعلمه قوم في كل عصر فيرجع من يلزمه في حكمه إلى من يعلمه وإنما لم يجب على الأعيان لأن العلم بها لا يكون إلا مع الانقطاع إليها فإذا أوجبنا على كل ذلك اختل أمر المصالح التي هي مصالح الدنيا لأنهم إذا انقطعوا إلى العلم لم يتفرغوا للقيام بمصالح الدنيا فكان الواجب على الكفاية ليقوم به قوم والباقون يقومون بمصالح الدنيا فتنتظم على هذا الوجه مصالح الدين والدنيا جميعا ويجب أن يجتمع العلم بالأصول والأحكام في كل واحد من أهل الكفاية ولا يختص بكفاية العلم بالأحكام فريق وبكفاية العلم بالأصول فريق فإن تفرد بعلم الأحكام فريق وبعلم الأصول فريق لم تسقط بواحد منهما فرض الكفاية في الأحكام والأصول لأن الأحكام فروع الأصول والأصول موضوعة للفروع فلم يجز انفراد أحدهما عن الآخر.
وذهب من قال أن العالم يجوز له تقليد العالم إلى أنه لا يلزم الجمع بينهما ووأنه إذا انفرد بكل واحد من الأمرين جعل كاجتماعهما في الواحد وسقط بذلك فرض الكفاية واختلفوا بعد هذا في كيفية الوجوب في الواجب على الكفاية فذهبت طائفة من الفقهاء والأشعرية من المتكلمين إلى أنه واجب على كل واحد من أهل الفريضة بعينه.
1 / 25