Rules of Judgments in the Interests of People

Al-Izz ibn Abd al-Salam d. 660 AH
85

Rules of Judgments in the Interests of People

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Publisher

مكتبة الكليات الأزهرية

Publisher Location

القاهرة

فَإِنْ قِيلَ: أَيَجُوزُ الْقِتَالُ مَعَ أَحَدِهِمَا لِإِقَامَةِ وِلَايَتِهِ وَإِدَامَةِ تَصَرُّفِهِ مَعَ إعَانَتِهِ عَلَى مَعْصِيَتِهِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ دَفْعًا لِمَا بَيْنَ مَفْسَدَتَيْ الْفُسُوقَيْنِ مِنْ التَّفَاوُتِ وَدَرْءًا لِلْأَفْسَدِ فَالْأَفْسَدِ، وَفِي هَذَا وَقْفَةٌ وَإِشْكَالٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّا نُعِينُ الظَّالِمَ عَلَى فَسَادِ الْأَمْوَالِ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ الْأَبْضَاعِ وَهِيَ مَعْصِيَةٌ. وَكَذَلِكَ نُعِينُ الْآخَرَ عَلَى إفْسَادِ الْأَبْضَاعِ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ الدِّمَاءِ وَهِيَ مَعْصِيَةٌ، وَلَكِنْ قَدْ يَجُوزُ الْإِعَانَةُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ لَا لِكَوْنِهَا مَعْصِيَةً بَلْ لِكَوْنِهَا وَسِيلَةً إلَى تَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ وَكَذَلِكَ إذَا حَصَلَ بِالْإِعَانَةِ مَصْلَحَةٌ تَرْبُو عَلَى مَصْلَحَةِ تَفْوِيتِ الْمَفْسَدَةِ كَمَا، تُبْذَلُ الْأَمْوَالُ فِي فِدَى الْأَسْرَى الْأَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِي الْكَفَرَةِ وَالْفَجَرَةِ. الْمِثَالُ السَّادِسُ: إذَا لَمْ تَجِدْ الْمَرْأَةُ وَلِيًّا وَلَا حَاكِمًا فَهَلْ لَهَا أَنْ تُحَكِّمَ أَجْنَبِيًّا يُزَوِّجُهَا؟ أَوْ تُفَوِّضَ إلَيْهِ التَّزْوِيجَ مِنْ غَيْرِ تَحْكِيمٍ؟ فِيهِ اخْتِلَافٌ، وَمَبْنَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا عَلَى الضَّرُورَاتِ وَمَسِيسِ الْحَاجَاتِ، وَقَدْ يَجُوزُ فِي حَالِ الِاضْطِرَارِ مَا لَا يَجُوزُ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ، كَمَا يَجُوزُ لِمَنْ ظَفِرَ بِمَالِ غَرِيمِهِ الْجَاحِدِ لِدَيْنِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ مِثْلَ حَقِّهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيَبِيعَهُ. وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ هُرُوبِ الْجَمَّالِ وَتَرْكِهِ الْجِمَالَ، كَذَلِكَ الِالْتِقَاطُ وَتَخْيِيرُ الْمُلْتَقِطِ فِي التَّمْلِيكِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ الْمُعْتَبَرِ، وَكَذَلِكَ أَكْلُ الْمُضْطَرِّ الطَّعَامَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ.

1 / 87