Rules of Judgments in the Interests of People

Al-Izz ibn Abd al-Salam d. 660 AH
66

Rules of Judgments in the Interests of People

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Publisher

مكتبة الكليات الأزهرية

Publisher Location

القاهرة

الْمِثَالُ الثَّانِي عَشَرَ: إذَا ضَاقَ عَلَى الْمُحْرِمِ وَقْتُ عِشَاءِ الْآخِرَةِ بِحَيْثُ لَا يَتَّسِعُ إلَّا لِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ لَوْ اشْتَغَلَ بِهَا لَفَاتَهُ إتْيَانُ عَرَفَةَ، فَقَدْ قِيلَ يَدَعُ الصَّلَاةَ وَيَذْهَبُ إلَى عَرَفَةَ لِأَنَّ أَدَاءَ فَرْضِ الْحَجِّ أَفْضَلُ مِنْ أَدَاءِ فَرْضِ الصَّلَاةِ إذْ جَعَلَهُ ﷺ تِلْوَ الْجِهَادِ وَجَعَلَ الْجِهَادَ تِلْوَ الْإِيمَانِ، وَقِيلَ يَشْتَغِلُ بِأَدَاءِ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ أَدَاءَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ أَدَاءِ الْحَجِّ لِقَوْلِهِ ﵇. «وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةُ»، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ فَيُصَلِّي صَلَاةَ الْخَوْفِ وَهُوَ ذَاهِبٌ إلَى عَرَفَةَ، فَيَكُونُ جَامِعًا بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ عَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ، لِأَنَّ مَشَقَّةَ فَوَاتِ الْحَجِّ عَظِيمَةٌ، فَإِذَا جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْخَوْفِ لِأَجْلِ حِفْظِ مَالٍ يَسِيرٍ، فَجَوَازُهُ لِحِفْظِ أَدَاءِ الْحَجِّ أَوْلَى الْمِثَالُ الثَّالِثَ عَشَرَ: تَقْدِيمُ الْكَفَّارَاتِ عَلَى التَّطَوُّعَاتِ. الْمِثَالُ الرَّابِعَ عَشَرَ: النَّفَقَاتُ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمُفْتَقِرَاتِ إلَى النِّيَّاتِ، فَيُقَدِّمُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ عَلَى نَفَقَةِ آبَائِهِ وَأَوْلَادِهِ وَزَوْجَاتِهِ، وَيُقَدِّمُ نَفَقَةَ زَوْجَاتِهِ عَلَى نَفَقَةِ آبَائِهِ وَأَوْلَادِهِ، لِأَنَّهَا مِنْ تَتِمَّةِ حَاجَاتِهِ، وَتُقَدَّمُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ عَلَى نَفَقَةِ الرَّقِيقِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ، وَتُقَدَّمُ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ عَلَى الْقَرِيبِ وَذَلِكَ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الرَّقِيقُ مُضْطَرًّا يُخْشَى هَلَاكُهُ وَالْقَرِيبُ مُحْتَاجًا لَا يُخْشَى هَلَاكُهُ، وَتُقَدَّمُ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ عَلَى نَفَقَةِ الْبَهَائِمِ وَالْأَنْعَامِ، لِأَنَّ حُرْمَتَهُ آكَدُ وَمَصْلَحَتَهُ أَعْظَمُ، وَلِذَلِكَ جَازَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ حِفْظًا لِرُوحِ الْإِنْسَانِ وَإِنْ مَلَكَ حَيَوَانًا يُؤْكَلُ وَحَيَوَانًا لَا يُؤْكَلُ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا نَفَقَةَ أَحَدِهِمَا وَتَعَذَّرَ بَيْعُهُمَا احْتَمَلَ أَنْ يُقَدِّمَ نَفَقَةَ مَا لَا يُؤْكَلُ عَلَى نَفَقَةِ مَا يُؤْكَلُ وَيَذْبَحَ الْمَأْكُولَ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ الْمَأْكُولُ يُسَاوِي أَلْفًا وَغَيْرُ الْمَأْكُولِ يُسَاوِي دِرْهَمًا، فَفِي هَذَا نَظَرٌ وَاحْتِمَالٌ.

1 / 68