Rules of Judgments in the Interests of People

Al-Izz ibn Abd al-Salam d. 660 AH
5

Rules of Judgments in the Interests of People

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Publisher

مكتبة الكليات الأزهرية

Publisher Location

القاهرة

فَإِنَّ أَجْرَهُ عَلَى قَصْدِهِ وَاجْتِهَادِهِ، وَيُعْفَى عَنْ خَطَئِهِ وَزَلَلِهِ. وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ الْخَطَأُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأُصُولِ. وَاعْلَمْ أَنَّ تَقْدِيمَ الْأَصْلَحِ فَالْأَصْلَحِ وَدَرْءَ الْأَفْسَدِ فَالْأَفْسَدِ مَرْكُوزٌ فِي طَبَائِعِ الْعِبَادِ نَظَرًا لَهُمْ مِنْ رَبِّ الْأَرْبَابِ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ، فَلَوْ خَيَّرْت الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ بَيْنَ اللَّذِيذِ وَالْأَلَذِّ لَاخْتَارَ الْأَلَذَّ، وَلَوْ خُيِّرَ بَيْنَ الْحَسَنِ وَالْأَحْسَنِ لَاخْتَارَ الْأَحْسَنَ، وَلَوْ خُيِّرَ بَيْنَ فَلْسٍ وَدِرْهَمٍ لَاخْتَارَ الدِّرْهَمَ، وَلَوْ خُيِّرَ بَيْنَ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ لَاخْتَارَ الدِّينَارَ. لَا يُقَدِّمُ الصَّالِحَ عَلَى الْأَصْلَحِ إلَّا جَاهِلٌ بِفَضْلِ الْأَصْلَحِ، أَوْ شَقِيٌّ مُتَجَاهِلٌ لَا يَنْظُرُ إلَى مَا بَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ مِنْ التَّفَاوُتِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَصَالِحَ الْخَالِصَةَ عَزِيزَةُ الْوُجُودِ، فَإِنْ الْمَآكِلَ وَالْمَشَارِبَ وَالْمَلَابِسَ وَالْمَنَاكِحَ وَالْمَرَاكِبَ وَالْمَسَاكِنَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِنَصَبٍ مُقْتَرِنٍ بِهَا، أَوْ سَابِقٍ، أَوْ لَاحِقٍ، وَأَنَّ السَّعْيَ فِي تَحْصِيلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا شَاقٌّ عَلَى مُعْظَمِ الْخَلْقِ لَا يُنَالُ إلَّا بِكَدٍّ وَتَعَبٍ، فَإِذَا حَصَلَتْ اقْتَرَنَ بِهَا مِنْ الْآفَاتِ مَا يُنْكِدُهَا وَيُنَغِّصُهَا، فَتَحْصِيلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ شَاقٌّ. أَمَّا الْمَآكِلُ وَالْمَشَارِبُ فَيَتَأَلَّمُ الْإِنْسَانُ بِشَهْوَتِهَا، ثُمَّ يَتَأَلَّمُ بِالسَّعْيِ فِي تَحْصِيلِهَا. ثُمَّ يَتَأَلَّمُ بِمَا يَصِيرُ إلَيْهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ مِنْ النَّجَاسَةِ وَالْأَقْذَارِ وَمُعَالَجَةِ غُسْلِهِ بِيَدِهِ. وَأَمَّا الْمَلَابِسُ فَمَفَاسِدُهَا مَشَقَّةُ اكْتِسَابِهَا، وَمَا يَقْتَرِنُ بِهَا مِنْ آفَاتِهَا؛ كَالتَّخَرُّقِ وَالتَّفَتُّقِ وَالْبِلَى وَالِاحْتِرَاقِ. وَأَمَّا الْمَنَاكِحُ فَيَتَأَلَّمُ الْمَرْءُ بِمُؤَنِهَا وَنَفَقَتِهَا وَكُسْوَتِهَا وَجَمِيعِ حُقُوقِهَا. وَأَمَّا الْمَرَاكِبُ فَمَفَاسِدُهَا مَشَقَّةُ اكْتِسَابِهَا وَالْعَنَاءُ فِي الْقِيَامِ بِعَلَفِهَا وَسَقْيِهَا وَحِفْظِهَا وَسِيَاسَتِهَا، وَمَا عَسَاهُ يَلْحَقُهَا مِنْ الْآفَاتِ، وَكَذَلِكَ الرَّقِيقُ فِيهِ هَذِهِ الْمَفَاسِدُ. وَأَمَّا الْمَسَاكِنُ فَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِكَدٍّ وَنَصَبٍ، وَتَقْتَرِنُ بِهَا آفَاتُهَا مِنْ الِانْهِدَامِ وَالِاحْتِرَاقِ وَالتَّزَلْزُلِ وَالتَّعَيُّبِ وَسُوءِ الْجَارِ، وَالضِّيقِ عَلَى مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ ضِيقَهَا، وَاتِّسَاعِهَا عَلَى مَنْ يَتَأَلَّمُ بِاتِّسَاعِهَا، وَسُوءِ صُقْعِهَا فِي الْوَخَامَةِ وَالدَّمَامَةِ وَالْبُعْدِ مِنْ الْمَاءِ وَمُجَاوَرَةِ الْأَتُّونَاتِ وَالْحَمَّامَاتِ وَالْمَدَابِغِ ذَوَاتِ الرَّوَائِحِ الْمُسْتَخْبَثَاتِ.

1 / 7