195

Qawāʿid al-aḥkām fī maṣāliḥ al-anām

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Publisher

مكتبة الكليات الأزهرية

Publisher Location

القاهرة

الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ، وَالِاجْتِمَاعُ عَلَى الْقَطْعِ فِي ذَلِكَ أَنْدَرُ مِنْ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الْقَتْلِ فَلِذَلِكَ خَالَفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ كَمَا خَالَفَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ.
وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْحَيَاةِ الَّتِي لَمْ يَبْقَ بِهَا إلَّا صَبَابَةٌ يَسِيرَةٌ فَإِنَّا نَأْخُذُ بِهَا الْحَيَاةَ الطَّوِيلَةَ الْمَرْجُوَّةَ الدَّوَامِ فَيُقْتَلُ الشَّابُّ الْأَيِّدُ فِي عُنْفُوَانِ شَبَابِهِ بِالشَّيْخِ الْهَرِمِ الَّذِي نَضَبَ عُمْرُهُ وَانْقَضَى دَهْرُهُ، وَكَذَلِكَ يُؤْخَذُ الشَّبَابُ فِي عُنْفُوَانِ شَبَابِهِ بِقَتْلِهِ مَنْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ وَيَئِسَ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهَا إلَّا سَاعَةً أَوْ سَاعَتَيْنِ.
وَكَذَلِكَ لَا نَظَرَ إلَى التَّفَاوُتِ فِي الصَّنَائِعِ فَتُؤْخَذُ يَدُ الصَّانِعِ الْمَاهِرِ فِي صِنَاعَتِهِ بِيَدِ الْأَخْرَقِ الَّذِي لَا يَعْرِفُ شَيْئًا مِثْلُ أَنْ تُؤْخَذَ يَدُ ابْنِ الْبَوَّابِ بِيَدِ مَنْ لَا يَعْرِفُ مِنْ الْكِتَابَةِ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ تُؤْخَذُ يَدُ أَحْذَقِ النَّاسِ فِي الرِّمَايَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الصَّنَائِعِ بِيَدِ مَنْ لَا يُحْسِنُ الرِّمَايَةَ وَلَا شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الصَّنَائِعِ.
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مُتَعَلِّقَاتِ حُقُوقِ اللَّهِ ﷿ وَمَحَالِّهَا]
فِي بَيَانِ مُتَعَلِّقَاتِ حُقُوقِ اللَّهِ ﷿ وَمَحَالِّهَا، مَبْدَأُ التَّكَالِيفِ كُلِّهَا وَمَحَلُّهَا أَوْ مَصْدَرُهَا الْقُلُوبُ، وَأَوَّلُ وَاجِبٍ يَجِبُ - بَعْدَ النَّظَرِ - مَعْرِفَةُ اللَّهِ وَمَعْرِفَةُ صِفَاتِهِ، وَهِيَ شَرْطٌ فِي جَمِيعِ عِبَادَاتِهِ وَطَاعَاتِهِ، وَالطَّاعَاتُ كُلُّهَا مَشْرُوعَةٌ لِإِصْلَاحِ الْقُلُوبِ وَالْأَجْسَادِ، وَلِنَفْعِ الْعِبَادِ فِي الْآجِلِ وَالْمَعَادِ إمَّا بِالتَّسَبُّبِ أَوْ بِالْمُبَاشَرَةِ، وَصَلَاحُ الْأَجْسَادِ مَوْقُوفٌ عَلَى صَلَاحِ الْقُلُوبِ، وَفَسَادُ الْأَجْسَادِ مَوْقُوفٌ عَلَى فَسَادِ الْقُلُوبِ.
وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ»، أَيْ إذَا صَلَحَتْ بِالْمَعَارِفِ وَمَحَاسِنِ الْأَحْوَالِ وَالْأَعْمَالِ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ بِالطَّاعَةِ وَالْإِذْعَانِ،

1 / 197