19

Rules of Judgments in the Interests of People

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Publisher

مكتبة الكليات الأزهرية

Publisher Location

القاهرة

عَلَيْهَا مِنْ السَّخَطِ وَالْعُقُوبَاتِ، وَبِرَدِّ الشَّهَادَاتِ وَالْوِلَايَاتِ وَالِانْعِزَالِ عَنْ الْوِلَايَاتِ. وَأَمَّا مَا قُرِنَ بِالْآيَاتِ مِنْ الصِّفَاتِ فَإِنَّهُ جَاءَ أَيْضًا حَاثًّا عَلَى الطَّاعَاتِ، وَزَجْرًا عَنْ الْمُخَالَفَاتِ، مِثْلَ أَنْ يَذْكُرَ سَعَةَ رَحْمَتِهِ لِيَرْجُوهُ فَيَعْمَلُوا بِالطَّاعَاتِ، وَيَذْكُرَ شِدَّةَ نِقْمَتِهِ لِيَخَافُوهُ فَيَجْتَنِبُوا الْمُخَالَفَاتِ، وَيَذْكُرَ نَظَرَهُ إلَيْهِمْ، لِيَسْتَحْيُوا مِنْ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِمْ فَلَا يَعْصُوهُ، وَيَذْكُرَ تَفَرُّدَهُ بِالضُّرِّ وَالنَّفْعِ، لِيَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ وَيَغُوضُوا إلَيْهِ، وَيَذْكُرَ إنْعَامَهُ عَلَيْهِمْ وَإِحْسَانَهُ إلَيْهِمْ، لِيُحِبُّوهُ وَيُطِيعُوهُ وَلَا يُخَالِفُوهُ، فَإِنَّ الْقُلُوبَ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهَا وَأَحْسَنَ إلَيْهَا. وَكَذَلِكَ يَذْكُرُ أَوْصَافَ كَمَالِهِ لِيُعَظِّمُوهُ وَيَهَابُوهُ، وَيَذْكُرُ سَمْعَهُ لِيَحْفَظُوا أَلْسِنَتَهُمْ مِنْ مُخَالَفَتِهِ، وَيَذْكُرُ بَصَرَهُ لِيَسْتَحْيُوا مِنْ نَظَرِ مُرَاقَبَتِهِ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ ذِكْرِ رَحْمَتِهِ وَعُقُوبَتِهِ، لِيَكُونُوا بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، فَإِنَّ السَّطْوَةَ لَوْ أُفْرِدَتْ بِالذِّكْرِ لَخِيفَ مِنْ أَدَائِهَا إلَى الْقُنُوطِ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَلَوْ أُفْرِدَتْ الرَّحْمَةُ بِالذِّكْرِ لَخِيفَ مِنْ إفْضَائِهَا إلَى الْغُرُورِ بِإِحْسَانِهِ وَكَرَامَتِهِ، مِثْلُ قَوْلِهِ: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الحجر: ٤٩] ﴿وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ﴾ [الحجر: ٥٠]، وَقَوْلِهِ: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الرعد: ٦]، وَقَوْلِهِ: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: ٩٨] وَقَدْ يَجْمَعُ الْمَدَائِحَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، لِيَتَعَرَّفَ بِهَا إلَى عِبَادِهِ فَيَعْرِفُوهُ بِهَا وَيُعَامِلُوهُ بِمُقْتَضَاهَا. وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي قَصَصِ الْأَوَّلِينَ وَإِنْجَاءِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِهْلَاكِ الْكَافِرِينَ، إنَّمَا ذَكَرَهُ زَجْرًا عَنْ الْكُفْرِ وَحَثًّا عَلَى الْإِيمَانِ، فَيَا خَيْبَةَ مَنْ خَالَفَهُ وَعَصَاهُ، وَيَا غِبْطَةَ مَنْ أَطَاعَهُ وَاتَّقَاهُ.

1 / 21