Rules of Judgments in the Interests of People
قواعد الأحكام في مصالح الأنام
Publisher
مكتبة الكليات الأزهرية
Publisher Location
القاهرة
لَكِنَّهُ جَازَ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ بَقَاءِ الْإِنْسَانِ عَلَى مَصْلَحَةِ بَقَاءِ الْحَيَوَانِ.
وَكَذَلِكَ ذَبْحُ مَنْ يُبَاحُ دَمُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ، وَمَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَالْمُصِرِّ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ، جَائِزٌ فِي حَالِ الِاضْطِرَارِ، حِفْظًا لِحَيَاةِ الْإِنْسَانِ الْمَعْصُومِ الْوَاجِبَةِ الْحِفْظِ، وَالْإِبْقَاءُ بِإِزَالَةِ حَيَاةٍ وَاجِبَةِ الْإِزَالَةِ وَالْإِفْنَاءِ.
الْمِثَالُ الْحَادِيَ عَشَرَ: قَتْلُ الصَّيْدِ الْوَحْشِيِّ الْمَأْكُولِ بِغَيْرِ الذَّبْحِ مَفْسَدَةٌ مُحَرَّمَةٌ، لَكِنَّهُ جَازَ بِالْحَرَجِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الذَّبْحِ لِمَصْلَحَةِ تَغْذِيَةِ الْأَجْسَادِ.
الْمِثَالُ الثَّانِي عَشَرَ: ذَبْحُ صَيْدِ الْحَرَمِ، أَوْ الصَّيْدُ فِي الْإِحْرَامِ مَفْسَدَةٌ مُحَرَّمَةٌ، لَكِنَّهُ جَائِزٌ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ، تَقْدِيمًا لِحُرْمَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى حُرْمَةِ الْحَيَوَانِ، وَهَذَا مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ حَقِّ الْعَبْدِ عَلَى حَقِّ الرَّبِّ.
وَكَذَلِكَ أَكْلُ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْهُمْ مَفْسَدَةٌ، لَكِنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَ الضَّرُورَاتِ وَمَسِيسِ الْحَاجَاتِ.
وَكَذَلِكَ جَوَازُ أَكْلِ النَّجَاسَاتِ وَالْمَيْتَاتِ مِنْ النَّاسِ وَالْخَنَازِيرِ وَالضِّبَاعِ وَالسِّبَاعِ لِلضَّرُورَةِ، وَهَذَا مِنْ الْمَصَالِحِ الْوَاجِبَاتِ، لِأَنَّ حِفْظَ الْأَرْوَاحِ أَكْمَلُ مَصْلَحَةً مِنْ اجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ، وَلَوْ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ الْمُحْرِمُ صَيْدًا وَمَيْتَةً وَطَعَامَ أَجْنَبِيٍّ، فَهَلْ يَتَخَيَّرُ، أَوْ يَتَعَيَّنُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ أَوْ الصَّيْدِ أَوْ مَالُ الْغَيْرِ، فِيهِ اخْتِلَافٌ، مَأْخَذُهُ أَيُّ هَذِهِ الْمَفَاسِدِ أَخَفُّ وَأَيُّهَا أَعْظَمُ.
الْمِثَالُ الثَّالِثَ عَشَرَ: تَرْكُ الصَّلَاةِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَتَأْخِيرُ الزَّكَاةِ وَحُقُوقِ النَّاسِ الْوَاجِبَاتِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ مَفْسَدَةٌ مُحَرَّمَةٌ، لَكِنَّهُ جَائِزٌ بِالْإِكْرَاهِ؛ فَإِنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ أَوْلَى مِمَّا يُتْرَكُ بِالْإِكْرَاهِ، مَعَ أَنَّ تَدَارُكَهُ مُمْكِنٌ، فَيَكُونُ جَمْعًا بَيْنَ هَذِهِ الْحُقُوقِ وَبَيْنَ حِفْظِ الْأَرْوَاحِ.
الْمِثَالُ الرَّابِعَ عَشَرَ: الْخَمْرُ مَفْسَدَةٌ مُحَرَّمَةٌ، لَكِنَّهُ جَائِزٌ بِالْإِكْرَاهِ لِأَنَّ
1 / 103