============================================================
النقل عن غير المعتمد من الختصرات : إن نقل القول وعزوه إلى المذهب يحتاج إلى دراية وخبرة، فليس كل كتاب يمثل المذهب، وإنما هناك كتب اعتمدها الفقهاء والمفتون، وأخرى حذروا منها يقول المقري مجليا عن رأيه في ذلك : (ولقد استباح الناس النقل من المختصرات الغريبة أربابها، ونسبوا ظواهر ما فيها إلى آمهاتها، وقد نبه عبدالحق في تعقيب التهذيب على ما ينع من ذلك لو كان من يسمع، وذيلت كتابه بمثل عدد مسائله أجمع، ثم تركوا الرواية فكثر التصحيف، وانقطعت سلسلة الاتصال، فصارت الفتاوى تنقل من كتب لايدرى مازيد فيها مما تقص منها؛ لعدم تصحيحها وقلة الكشف عنها، ولقد كان أهل المائة السادسة، وصدر السابعة لايسوغون الفتوى من تبصرة الشيخ أبي الحسن اللخمي؛ لكونه لم يصحح على مؤلفه، ولم يؤخذ عنه، وأكثر ما يعتمد اليوم ما كان من هذا النمط، ثم انضاف إلى ذلك عدم الاعتبار بالناقلين، فصار يؤخذ من كتب المسخوطين كما يؤخذ من كتب المرضيين، بل لاتكاد تجد من يفرق بين الفريقين، ولم يكن هذا فيمن قبلنا . فلقد تركوا كتب البراذعي على نبلها ولم يستعمل منها على كره من كثير منهم غير التهذيب الذي هو المدونة اليوم لشهرة مسائله، وموافقته في اكثر ما خالف فيه ظاهر المدونة لأبي محمد. ثم كل أهل هذه المائة عن حال من قبلهم من حفظ المختصرات وشق الشروح والأصول الكبار، فاقتصروا على حفظ ما قل لفظه ونزر حظه، وأفنوا عمرهم في حل لغوزه، وفهم رموزه، ولم يصلوا لرد ما فيه إلى أصوله بالتصحيح، فضلا عن معرفة الضعيف والصحيح،
Page 85