. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
--------------------
-رحمه الله- في "شرح النونية" عند قوله: فجل المناهي والفروض تعبد ... الخ، حيث قال:» فصل في المفروضات: وهي على ثلاثة أوجه، أحدها مفروض لعلة التعبد والنظافة كالوضوء والغسل من الجنابة، وكالصلاة والصوم والحج في أمثالها من الفرائض المتعلقة بالبدن لعلة التعبد، ولا تهتدي العقول إلى معرفة وجوبها وفرضها إلا من جهة استعباد الله تعالى خلقه، غير أن المواظبة عليها تلين الأجساد وتنهى عن المنكر والفحشاء وأنواع الفساد ... الخ «(1). قال شيخنا عبد الله -رحمه الله- (2):» الظاهر أن كلا من التعبد والنظافة علة بالاستقلال وأن التمثيل على عكس الترتيب، تأمل «اه، لكن يرد عليه أنه لو كان الوضوء مشروعا لعلة النظافة فقط لم تكن النية شرطا فيه لأنه معقول المعنى حينئذ ولعله لذلك أمر بالتأمل، ثم الظاهر أن الوضوء فيه التعبد والنظافة ولذلك وقع الخلاف في النية هل هي شرط فيه أم لا، وأما الصلاة فليس فيها إلا التعبد ولذلك وقع الإجماع على أنها لا تصح إلا بالنية، وفصله عما قبله في التمثيل بالكاف وأعاد علة التعبد، فليحرر جميع ذلك بتأمل صادق، والله أعلم.
ثم رأيت في بعض كتب قومنا [ما يوافق الشق الثاني من الترديد حيث قال] (3) ما نصه:» التعبد مالم نطلع على حكمته غالبا بخلاف معقولها «، ثم رأيت في بعض كتبهم أيضا ما يحقق المقال ويزيل الإشكال حيث قال:» فصل: قول الفقهاء عبادة معقولة المعنى وغير معقولة المعنى: المراد به أن من العبادات ما ظهرت مصلحته وتبينت فائدته، كالزكاة فإن المعنى فيها نفع الفقراء ومساعدتهم، وإزالة النجاسة فإن المعنى فيها النظافة من الأوساخ، وعدة الحامل بوضع الحمل معناه لئلا تختلط
__________
(1) - إسماعيل بن موسى الجيطالي، 2/ 90، شرح البيتين: 65، 66 (مخطوط).
(2) - الشيخ عبد الله بن سعيد السدويكشي (ت. 1068ه) أستاذ المحشي أبي ستة، انظر ترجمته في هذا الكتاب: 1/ 367، ملحق التراجم، رقم: 34.
(3) - زيادة من أ.
Page 115