Qawaʿid fi al-suluk ila Al-lah taʿala
قواعد في السلوك الى الله تعالى
Genres
والثقة به والتفويض إليه، والاستناد التام إلى كرمه، والإخلاد إليه عند النوائب إليه، والرضا عنه وبأقداره.
وأعلى ذلك كله المحبة الخاصة فوق المحبة العامة، وقد تقدم ذكرها.
ومن علامات القلوب ما يفتح به على أهل الله الصادقين في حبه وإرادته، المحققين للتقوى والزهد ظاهرا وباطنا حال يسمى التجريد، وهو عمل من أعمال القلوب ، وهو حقيقة الإرادة لله ، والإرادة لله هي مفتاحها، فمتى استحكمت الإرادة لله عز وجل في القلب على المعرفة التامة، فإنها قد تكون إرادة إلى مراد لا يعرف.
فإذا كملت المعارف من دلك الطرف ، وكملت الإرادة من هذا الطرف ، أدت إلى حال التجريد، وهو تجرد الروح والقلب والنفس عن الأكوان ، متنزهة عنها، صاعدة إلى فناء قرب المطلوب، فتنخلع القوة النفسانية والطبيعية متجردة صاعدة إلى المحبوب ، وعندها يحب الطالب السياحة والأسفار، فإنها قد تعينه على تحقيق حال التجرد الباطن، وفيهم من لا يدخر شيئا لحكم حاله.
فإن التجريد يقتضي حقيقة الفقر، ومن كان له حقيقة الفقر كان المولى موجوده، فهو يحب ألا يدخر شيئا مع موجوده، لا يألف إلى مكان يقيم فيه ، ولا صاحب غير الله يسكن إليه.
فإن غلب هذا الحال على صاحبه حكم عليه بمثل هذه الأعمال تحقيقا لمقام التجريد ، المؤدي إلى مقام التفريد ، الذي هو حقيقة الفقر مما سوى الله، وبان الاستغناء بالله، ومفتاح ذلك كله الإرادة الصحيحة لله عز وجل.
Page 254