198

Qawaʿid fi al-suluk ila Al-lah taʿala

قواعد في السلوك الى الله تعالى

Genres

على ما يفوت، ولا يقدم العمل المفضول على العمل الفاضل يراعي الجمعية مطلقا ، بل يراعي مراد الرب تعالى في العمل ورضاه به، وإن تفرقت جمعيته إذا كان العبد مطالبا بذلك العمل المفرق، أما إذا لم يطالب فرعايته الجمعية أفضل وأولى من رعاية غيرها.

مثاله : إذا رأى مظلوما وأمكنه نصرته باليد أو اللسان بلا فتنة وشر يترتب على نصرته، وله جمعية وحال يعلم أنها تتفرق بنصرته، فليقدم النصرة على الجمعية ؛ لأنها مراد الرب تعالى منه في ذلك الوقت وذلك الموطن، فكذا إذا رأى منكرا وقد انتهكت المحارم وله جمعية يعلم تفرقها في إقامة دين الله؛ فليقم دين الله، ولا يلتفت إلى الجمعية؛ فإن إقامة الدين هو مراد الرب تعالى في هذا الوقت وفي هذا الموطن، وأمثال ذلك، فكما أنه يتلذذ بالجمعية مع الله؛ ينبغي أن يتلذذ بالتفرق إذا جاء أمر الله؛ فإن الجمعية لله، والتفرق لله، فيكون الفرح برضا الله لا بغير ذلك، ولا بد من استعانة الله تعالى في الجمع بين وجود القلب ومرضاة الرب، وذلك يسير على من يسره الله تعالى عليه، وبالله المستعان.

وأما القاطع عن ذوق الإيمان؛ فقد سبق في صحة الإيمان جسمه، وأما روحه فهو الغفلة عن الله تعالى، والالتهاء بالدنيا عن ذكره، قال تعالي: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا) ، والذكر الكثير : أن يذكر فلا ينسى، ويطاع فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر، وقال تعالى: (يأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون)

Page 220